300

Siyar al-Salaf al-Salihin

سير السلف الصالحين

Editsa

د. كرم بن حلمي بن فرحات بن أحمد

Mai Buga Littafi

دار الراية للنشر والتوزيع

Inda aka buga

الرياض

وَأَمْرِهِمْ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ فِينَا رَسُولًا نَعْرِفُ نَسَبَهُ، وَصِدْقَهُ، وَعَفَافَهُ، فَدَعَانَا إِلَى أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَنَخْلَعَ مَا يَعْبُدُ قَوْمُنَا مِنْ دُونِهِ، وَأَمَرَنَا بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَانَا عَنِ الْمُنْكَرِ، وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ، وَالصَّوْمِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَكُلِّ مَا يُعْرَفُ مِنَ الْأَخْلَاقِ الْحَسَنَةِ، وَتَلَا عَلَيْنَا تَنْزِيلا جَاءَهُ مِنَ اللَّهِ لَا يُشْبِهُهُ شَيْءٌ غَيْرُهُ، فَصَدَّقْنَاهُ، وَآمَنَّا بِهِ، وَعَرَفْنَا أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، فَفَارَقْنَا عِنْدَ ذَلِكَ قَوْمَنَا، فَآذَوْنَا، وَفَتَنُونَا، فَلَمَّا بَلَغَ مِنَّا مَا نَكْرَهُ وَلَمْ نَقْدِرْ عَلَى الِامْتِنَاعِ، أَمَرَنَا نَبِيُّنَا بِالْخُرُوجِ إِلَى بِلَادِكَ اخْتِيَارًا لَكَ عَلَى مَنْ سِوَاكَ لِتَمْنَعَنَا مِنْهُمْ، فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: هَلْ مَعَكُمْ مِمَّا نَزَلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ تَقْرَءُونَهُ؟ فَقَالَ جَعْفَرٌ: نَعَمْ، فَقَرَأَ كهيعص فَلَمَّا قَرَأَ بَكَى النَّجَاشِيُّ حَتَّى أَخْضَلَ لِحْيَتَهُ، وَبَكَتْ أَسَاقِفَتُهُ حَتَّى أَخْضَلُوا مَصَاحِفَهُمْ، وَقَالَ النَّجَاشِيُّ: إِنَّ هَذَا الْكَلَامَ وَالْكَلامَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى لَيَخْرُجَانِ مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَةٍ، لَا وَاللَّهِ، لَا أُسَلِّمُهُمْ إِلَيْكُمْ، وَلَا أُخَلِّي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ.
الْحَقَا بِشَأْنِكُمَا، وَأَمَرَ بِالْهَدَايَا فَرُدَّتْ عَلَيْهِمَا، قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ ﵂: فَخَرَجَا مَقْبُوحَيْنِ مَرْدُودًا عَلَيْهِمَا أَمْرُهُمَا، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: أَمَا وَاللَّهِ لَآتِيَنَّهُ غَدًا بِقَوْلٍ أُبِيدُ بِهِ خَضْرَاءَهُمْ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ: لَا تَفْعَلْ، فَإِنَّ لِلْقَوْمِ أَرْحَامًا وَإِنْ كَانُوا قَدْ خَالَفُونَا، قَالَ: لَا وَاللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ.
فَدَخَلا عَلَيهِ الْغَدَ، فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، إِنَّهُمْ يُخَالِفُونَكَ فِي عِيسَى وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ عَبْدٌ فَسلْهُمْ عَنْهُ، قَالَتْ أُمُّ

2 / 308