الضَّعِيفُ مِنْ عَدْلِهِ، فَأَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي مَوَاقِفِهِ، وَقَدْ أَرْخَى اللَّيْلُ سُدُولَهُ، وَغَارَتْ نُجُومُهُ يَتَمَيَّلُ فِي مِحْرَابِهِ قَابِضًا عَلَى لِحْيَتِهِ يَتَمَلْمَلُ تَمَلْمُلَ السَّلِيمِ، وَيَبْكِي بُكَاءَ الْحَزِينِ، وَكَأَنِّي أَسْمَعُهُ الْآنَ وَهُوَ يَقُولُ: يَا رَبَّنَا يَا رَبَّنَا، يَتَضَرَّعُ إِلَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُ لِلدُّنْيَا: أَنَّى تَشَوَّفْتِ لِي، أَنَّى تَعَرَّضْتِ لِي، هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ، غُرِّي غَيْرِي قَدْ بَتَتُّكِ ثَلَاثًا لَا رَجْعَةَ لِي فِيكِ، ثُمَّ قَالَ: فَعُمْرُكِ قَصِيرٌ، وَمَجْلِسُكِ حَقِيرٌ، وَخَطَرُكِ كَثِيرٌ، آهٍ آهٍ مِنْ قِلَّةِ الزَّادِ، وَبُعْدِ السَّفَرِ، وَوَحْشَةِ الطَّرِيقِ، فَوَكِفَتْ دُمُوعُ مُعَاوِيَةَ ﵁ عَلَى لِحْيَتِهِ مَا يَمْلِكُهَا وَجَعَلَ يُنَشِّفُهَا بِكُمِّهِ، فَقَالَ: كَذَا كَانَ أَبُو الْحَسَنِ، ﵀.
وَقَالَ عَلِيٌّ ﵁ أَشَدُّ الْأَعْمَالِ ثَلَاثَةٌ: إِعْطَاءُ الْحَقِّ مِنْ نَفْسِكَ، وَذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَمُوَاسَاةُ الْأَخِ فِي الْمَالِ.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: سمعت عَلِيًّا ﵁، يَقُولُ: لَقَدْ رَأَيْتَنِي أَرْبِطُ الْحَجَرَ عَلَى بَطْنِي مِنْ شِدَّةِ الْجُوعِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَإِنَّ صَدَقَتِي الْيَوْمَ أَرْبَعُونَ أَلْفَ دِينَارٍ