Tatsuniyoyi da Jarumai Na Al'umma Larabawa
السير والملاحم الشعبية العربية
Nau'ikan
حقا ما أشبه هذا البطل الشعبي الفلسطيني المقاتل «المهلهل» بشعبه الذي نبت من صفوفه، في افتقاده لأرضه، وتراثه.
وتتضح ذروة مواقفه التي يخالط فيها الزهد الثوري، قيم الفارس المقاتل رمحا وكلمة حين أسلم من فوره، عرش الملك كليب، إلى ابنه «الجرو» - حالما التقى به في ساحة القتال وتعرفه - سمحا راضيا منزويا كأوديب عقب عقابه وعمائه، إلى أن اغتاله خادمه غريبا معوزا، في صعيد مصر؛ حيث دفن هناك، كأوزريس وجاء مدفنه بالعرابة المدفونة.
30
وتختلف النصوص حول موت المهلهل واندثاره على عادة الأبطال الآلهة أو المؤلهين؛ فالنصوص العامية ترى أنه اغتيل في صعيد مصر، والنصوص الكلاسيكية ترى بأن حدث موته وقع بالبحرين، وأخرى باليمامة، ورابعة بفلسطين موطنه.
كما أنه لم يعرف له قبر ولا مدفن مهيب، صيغت قبابه من الذهب الخالص والفضة كأخيه كليب ملك العرب.
ولعل الغموض والاختلاف حول موت المهلهل واختفائه، أن يمتد ليشمل مجيئه ومولده، أمذى لا نعرف عنه كثيرا في أي من منظومات هذه السيرة الملحمية ونصوصها المتعددة من شعبية لفصحى.
والمفترض هنا بالتالي أن نكون بإزاء أكثر من شخصية للمهلهل أو الزير سالم، إحداها عربية فصحى كلاسيكية، تتبدى في تراث الأدب العربي، مجهلة للزير باهتة، وفي معظم الأحيان بغيضة - إن لم تكن سالبة شريرة - حتى إن العرب لقبوه ب «الداهية»، يمارس الحرب على أنها خدعة، وكثيرا ما يقع في أسر أعدائه، مثلما حدث له في حرب «الحرث»
31
الذي حاربه مرة؛ انتقاما لابنه «البجير» الذي قتله المهلهل، ولم يكن الملك الحرث أو الحارث يعرف الزير سالم حين احتضنه غيلة وعاد به إلى قومه، أسيرا، وسأله: دلني على المهلهل. - ولي دمي. - ولك دمك. - أنا المهلهل، خدعتك والحرب خدعه.
ولما أطلقه الحرث، طالبه بأن يدله على فارس مهيب يقتله انتقاما لولده البجير، فكان أن دله على أعز أصدقائه المقربين «امرئ القيس».
Shafi da ba'a sani ba