تأليف
بشر فارس
إلى صحوة الذوق في الشرق العربي.
ب. ف.
بيان
هذه لفتات سنحت للفكر، وظني أني حاولت استشراف أفق لم ينفسح كل عنانه على هذه الصورة، بعد. فقلما تركز الآثار الإسلامية - عند التبصر والتفهم - في البيئة التي أنبتتها وأنمتها. مع أن أصول الفن ولائد منى ورؤى، هي مشروطة، سرا أو علانية، بمقاصد وعقائد. فلا بد من الرجوع إلى هذه في تلطف، إرادة استشفاف ما وراء الأشكال المخططة، ولا سيما إذا كانت للبيئة يد ذات سلطان مستحكم مستطير. وما أحسبك تلقى ملة كبيرة تحضرت، فأنست باللطيف والدقيق من العمران، تسلم سكناتها لأسرار دينها، وتوثيق إشاراتها بأحكام فروضه، فوق ما أسلمت الملة الإسلامية وأوثقت.
هذه اللفتات قيدت باللغتين العربية والفرنسية في آن، ثم أريد لصاحبها أن يعرضها في الفرنسية على جمهور من أهل الدراية، فعرض منها شقا في المعهد الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة، في الخامس من يونيه سنة 1947، ثم شقا في متحف اللوفر بباريس، في السادس من نوفمبر سنة 1948. وها هي ذي في نصيها المتوافقين، بعد أن رزقت حظها من الإضافة.
وقد تردد المؤلف هل يرخي من نسج النص العربي، فيخرجه مخرج الإنشاء اليسير، بأن يحرمه خصائص التغلغل في تدقيق. غير أنه رأى أن مثل ذاك الإرخاء لا يجمل بثقافة أصبح أنصارها المتشوفون عندنا على غير نشاط للأسلوب، الذي يصير إلى خفة بضاعة أو فضول أداء، أو بهرج صناعة، أو ترداد مقول في معالجة المطالب التي يتجاذبها الأدب المرهف والعلم المترف.
ولكي تستقيم أداة التعبير في هذا الباب تستعمل ألفاظ هي من مصطلح الفلسفة تارة والفن تارة، وبعض الألفاظ متداول متعارف، وبعضها مما وقع للمؤلف من طريق المطالعة والتنقيب، أو مما استنبطه مجتهدا اليوم أو بالأمس. ثم إن جملة الألفاظ تتلاحق في مسرد عربي-فرنسي لأجل التيسير والإفادة.
وبعد هذا المسرد تقع الألواح فيشترك النصان فيها، وتحوي الألواح سبعة وعشرين أثرا مصورا، منها ثلاث وعشرون طرفة كانت مطوية، فتبدو للعيان مع هذه الرسالة. ويجد القارئ المتقصي أوصاف الطرف في جدول التزاويق اللاحق بالنص الفرنسي. وفي الألواح اعتمد التاريخ الميلادي لانتشاره تحت أقلام المشتغلين بالفنون، إلا إذا كان الأثر معلوم التاريخ بالسنين الهجرية، ثم إن ترتيب الألواح منساق من اليمين إلى اليسار.
Shafi da ba'a sani ba