عندئذ أراد آرثر أن يعرف ما ترمي إليه، فأخبرته بقصة السيدة محركة العرائس، متذكرة حتى اسمي دميتيها، مع أنها لم تأت بالطبع على ذكر حكاية شار، التي حضرت ذلك الحوار بل وكانت تشارك فيه قليلا. «قد يرجعان، ولكني أظن أنهما قد يستشعران الحرج. قد يستشعر الحرج من المجيء هنا، على أي حال.»
قال آرثر: «لماذا؟» وقد سعد بقصة محركة العرائس، ثم أضاف: «نحن لا نمنع أي شخص من أن يتزوج.»
نهضت شار ودخلت المنزل. وبعد برهة تناهى إلى سمعهما صوت البيانو. •••
السؤال الذي دائما ما كان يلح على بال إت في السنوات الأخيرة: ما الذي كانت تعتزم فعله بشأن هذه القصة عند رجوع بلايكي؟ نظرا لأنه لم يكن لديها سبب يجعلها تعتقد أنه لن يرجع. والإجابة هي أنها لم تعد أي خطط على الإطلاق. كل ما هنالك أنها افترضت أنها ربما تثير مشكلة بينه وبين شار، تجعل شار تتشاجر معه، وتستثير شكوكها حتى لو لم تكن الإشاعات حقيقية، وتجعل شار تستنبط ما قد يفعله مرة أخرى في ضوء ما فعله من قبل. لم تكن تعرف ما تريده. كل ما أرادته أن تخلق حالة من الريبة؛ لأنها اعتقدت عندئذ أن شخصا ما عليه فعل ذلك قبل فوات الأوان.
تعافى آرثر بالقدر المتوقع ممن هم في سنه، وعاد إلى تدريس التاريخ لطلاب السنة النهائية في المدرسة الثانوية، مع العمل نصف الوقت حتى يحين موعد تقاعده. أما إت فقد احتفظت بمكانها بالساحة وحاولت أيضا النهوض وطبخ بعض الطعام والقيام ببعض أعمال النظافة لآرثر. أخيرا وبعد تقاعده عادت إت إلى المنزل، تاركة مكانها الآخر لأغراض العمل فقط، حيث قالت: «دع الناس يعيدوا ويزيدوا كما شاءوا عن عمرنا.»
عاش آرثر حياة مديدة بالرغم من ضعفه البدني وبطء حركته. مشى يوما ما إلى الساحة قاصدا إت، فاصطحبها معه وذهبا إلى المنتزه. كان الفندق قد أغلق وبيع مرة أخرى، وسرت إشاعة أنه سيتم افتتاحه مركزا لإعادة تأهيل مدمني المخدرات، ولكن البلدية تلقت عريضة احتجاج فتراجعت عن المشروع، وفي نهاية المطاف تم هدمه.
لم يعد بصر إت بنفس قوته المعتادة، مما اضطرها إلى الإبطاء في العمل، ورد بعض الزبائن، بيد أنها لا تزال تعمل كل يوم. في المساء كان آرثر إما يشاهد التليفزيون أو يقرأ، بينما هي إما تجلس في الشرفة أيام الطقس الدافئ، أو في غرفة الطعام أيام الشتاء، مسترخية على الكرسي الهزاز ومريحة عينيها. جاءت وشاهدت نشرة الأخبار معه، وأعدت له مشروبه الساخن، من الكاكاو أو الشاي. •••
لم يكن هناك أثر للزجاجة. ذهبت إت وألقت نظرة على الخزانة بأسرع ما يمكن؛ بعد أن هرولت إلى المنزل استجابة لمكالمة آرثر في الصباح الباكر، ووجدت الطبيب، ماكلين العجوز، يدخل البيت في الوقت نفسه. أسرعت وفتشت في القمامة، ولكنها لم تجد لها أثرا.
هل كان لدى شار الوقت لدفنها؟ كانت ترقد على السرير وهي متأنقة في كامل ملابسها، وشعرها ملموم بعناية. لم تكن هناك ضجة حول سبب الوفاة كما هي الحال في القصص. كانت قد اشتكت إلى آرثر من شعورها بالضعف في الليلة السابقة بعد رحيل إت، وقالت إنها تعتقد أنها ستصاب بالأنفلونزا. وهكذا قال الطبيب العجوز أزمة قلبية، وقضي الأمر. بيد أن إت لم تستطع معرفة السبب. ما الذي كان في الزجاجة ولا يترك أثرا على الجسم على الإطلاق؟ ربما ما كان في الزجاجة ليس ما هو مكتوب عليها، حتى إنها غير متأكدة أصلا من أن تلك الزجاجة كانت موجودة في الليلة الماضية؛ فقد كانت متحمسة للغاية تجاه ما كانت تقوله مما حال دون ذهابها وإلقاء نظرة، كما اعتادت أن تفعل. وربما تم التخلص منها في وقت سابق وتجرعت شار شيئا آخر، كالحبوب مثلا. وربما كانت أزمة قلبية حقا؛ فعمليات التطهير القاسية تلك من شأنها أن تضعف قلب أي إنسان.
كانت جنازتها في يوم عيد العمال بحضور بلايكي نوبل الذي قطع جولته بالحافلة. أما آرثر، وفي خضم أحزانه، فقد نسي القصة التي حكتها إت، ولم يفاجأ بحضور بلايكي، الذي رجع إلى موك هيل في يوم دفن شار، متأخرا بضع ساعات، كما في القصص. وفي خضم ارتباكها الطبيعي لم تستطع إت تذكر اسم مسرحية روميو وجولييت التي تذكرتها لاحقا. بيد أن بلايكي نوبل لم يقتل نفسه بالطبع، بل عاد إلى تورونتو. وظل مدة عام أو عامين يرسل بطاقات المعايدة في الكريسماس، ثم انقطعت أخباره تماما. وما كانت إت لتفاجأ لو ثبت في النهاية عدم صحة حكاية زواجه، فقط توقيتها هو الخاطئ.
Shafi da ba'a sani ba