والصوت مذكر لأنه مصدر كالضرب والقتل وقد ورد مؤنثًا على ضرب من التأول.
قال رويشد بن كثير الطائي:
يا أيها الراكب المهدي مطيته ... بلغ بني أسد ما هذه الصوت
فأراد الاستغاثة. كما حكى الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء أنه سمع بعض العرب يقول وذكر إنسانا: فقال فلان لغوب١ جاءته كتابي فاحتقرها فقال له: أتقول جاءته كتابي! قال: نعم أليست بصحيفة؟
وفي كتاب سيبويه:
إذا بعض السنين تعرقتنا ... كفى الأيتام فقد أبى اليتيم٢
لأن بعض السنين سنة. ويقال: رجل صات أي شديد الصوت. كما يقال: رجل نال أي كثير النوال. وقولهم: لفلان صيت إذا انتشر ذكره من لفظ الصوت إلا أن واوه انقلبت ياءًا لسكونها وانكسار ما قبلها. كما قالوا: قيل من القول.
والصوت معقول لأنه يدرك ولا خلاف بين العقلاء في وجود ما يدرك. وهو عرض ليس بجسم ولا صفة لجسم. والدليل على أنه ليس بجسم أنه مدرك بحاسة السمع والأجسام متماثلة والإدراك إنما يتعلق بأخص صفات الذوات. فلو كان جسما لكانت الأجسام جميعها مدركة بحاسة السمع وفي علمنا ببطلان ذلك دليل على أن الصوت ليس بجسم. وهذه الجملة تحتاج إلى أن نبين أن الأجسام متماثلة وأن الإدراك إنما يتعلق بأخص صفات الذوات لأن كون الصوت مدركا بالسمع
_________
١ اللغوب واللغب الضعيف الأحمق.
٢ البيت لجرير في مدح هشام بن عبد الملك وقوله تعرقتنا بمعنى أذهبت أموالنا من تعرقت العظم إذا أذهبت ما عليه من اللحم.
1 / 16