وأما الزواجر والوعظيات فمثل الآيات الرادعة المذكورة للوعد والوعيد والأخبار المذكورة للفزعة والحكايات الجاذبة والأشعار المخوفة والمشوقة . فخوفوا المبتدئ وشوقوا المنتهى لأن المبتدئ هو قريب من خروج دار الجهل فيضرب عليه سور من التخويف خوفا من الزيغ والميل وأما المنتهى فقد غفر الذنب ورق القلب وأصابه عناء المجاهدة فلا بد للجمل من حاد لقطع الوادي . فالمجاهدة قلاشية والنغمات تنشية قياسا بأرض ميتة تحيا بوابل المطر فتهتز وتربو وشبت وتثبت وتنثر على المريد نثار الهمم . أنظر . كيف قال أبو حيان التوحيدي : إن كنت تنكر إن للنغمات فائدة ونفعا فأنظر إلى الإبل اللواتي هن أغلظ منك طبعا تصفي إلى قول الحداة فتقطع الفلوات قطعا فعليك بالخلوات الأربعينية التي يسميها مشايخ العجم جله . فهي عند العجم الجلاء وأعتد بها وليكن زادك وزنا تنقص كل يوم منه لقمة أو تزن مأكلك بعود ندى فهو ينقص على قدر جفافه فقلل ولا تتعلل خفف وطفف في مأكلك تلتحق بعالم الملائكة ففي الحديث : ' أكثركم شبعا في الدنيا أطولكم جوعا يوم القيامة ' . وإذا فعلت ذلك تستغني النفس بالقدس وتصير لك بها أنس . فلا تتخذ على محبة الدنيا والفلس فينتقل إليك حالة الصفة المحمدية : صلى الله عليه وسلم من قولة لست كأحدكم أنا أظل وأبيت عند ربي فيطعمني ويسقيني فهو حالات الصادقين ومنازل المتقين فلا تسكن من المكذبين الضالين فإن عجزت عن مقام المقربين فكن من أصحاب اليمين والحمد الله رب العالمين .
Shafi 94