وقد سجل المؤرخون وأصحاب السير ذلك الانتقال في مسيرة الدعوة الاسلامية وتغيير اسلوبها فذكروا :
« قال محمد بن إسحاق المطلبي :
وكان رسول الله (ص) قبل بيعة العقبة لم يؤذن له في الحرب ، ولم تحل له الدماء ، إنما يؤمر بالدعاء إلى الله والصبر على الاذى ، والصفح عن الجاهل . وكانت قريش قد اضطهدت من اتبعه من المهاجرين حتى فتنوهم عن دينهم ، ونفوهم من بلادهم ، فهم من بين مفتون في دينه ، ومن بين معذب في أيديهم ، وبين هارب في البلاد فرارا منهم ; منهم من بأرض الحبشة ، ومنهم من بالمدينة ، وفي كل وجه ، فلما عتت قريش على الله عز وجل ، وردوا عليه ما أرادهم به من الكرامة ، وكذبوا نبيه (ص) ، وعذبوا ونفوا من عبده ووحده وصدق نبيه واعتصم بدينه ، أذن الله عز وجل لرسوله (ص) في القتال والانتصار ممن ظلمهم وبغى عليهم ، فكانت أول آية انزلت في إذنه له في الحرب إحلاله له الدماء والقتال ، لمن بغى عليهم ، فيما بلغني عن عروة بن الزبير
وغيره من العلماء ، قول الله تبارك وتعالى : (أذن للذين يقاتلون بأ نهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير * الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد
يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز * الذين إن مكناهم في الارضى أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الامور )(1) .
Shafi 80