« فكان العباس أول من تكلم فقال : يا معشر الخزرج - وكانت العرب تسمي الخزرج والاوس به - إن محمدا منا ، حيث قد علمتم ، في عز ومنعة ، وإنه قد أبى إلا الانقطاع إليكم ، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه ، ومانعوه ، فأنتم وذلك ، وإن كنتم ترون انكم مسلموه فمن الآن فدعوه ، فإنه في عز ومنعة .
فقال الانصار : قد سمعنا ما قلت ، فتكلم يا رسول الله وخذ لنفسك وربك ما أحببت ، فتكلم وتلا القرآن ورغب في الاسلام ، ثم قال : (تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم) .
ثم أخذ البراء بن معرور بيده ، ثم قال : والذي بعثك بالحق لنمنعنك مما نمنع منه ازرنا ] نساءنا [ ، فبايعنا يا رسول الله فنحن والله أهل الحرب .
(58)
فاعترض الكلام أبو الهيثم بن التيهان ، فقال : يا رسول الله ! إن بيننا وبين الناس حبالا، وإنا قاطعوها يعني اليهود ، فهل عسيت إن أظهرك الله عز وجل أن ترجع إلى قومك وتدعنا ؟
فتبسم رسول الله (ص) ، وقال: {(بل الدم الدم والهدم الهدم ، أنتم مني وأنا منكم ،
اسالم من سالمتم واحارب من حاربتم)} ، وقال رسول الله (ص) : {(أخرجوا إلي اثني عشر نقيبا يكونون على قومهم)} ، فأخرجوهم تسعة من الخزرج وثلاثة من الاوس .
وقال لهم العباس بن عبادة بن نصلة الانصاري : يا معشر الخزرج هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل ؟ تبايعونه على حرب الاحمر والاسود ، فإن كنتم ترون أنكم إذا نهكت أموالكم مصيبة وأشرافكم قتلا أسلمتموه ، فمن الآن فهو والله خزي الدنيا والاخرة، وإن كنتم ترون أنكم وافون له فخذوه فهو والله خير الدنيا والاخرة .
Shafi 78