إلا أن هذا الحدث العظيم لم يكن ليصادر بهذا الرد التافه ، أو يواجه بتلك الاباطيل ، بل راح الناس يتفاعلون معه ، ويتأ ثرون به وينشدون إليه ، فأسلم اناس كثيرون وصدقوا هذه المعجزة الخالدة ، وفك الحصار وسقطت المؤامرة، وخرج محمد (ص) ومن معه من الشعب أعزة منتصرين .
وهكذا حدثت النقلة الثانية في حياة المسيرة الاسلامية في مكة المكرمة ، بعد أن كانت النقلة الاولى في موقف بني هاشم في دار الحارث بن عبد المطلب بعد ما أمر الرسول (ص) بإنذار العشيرة ودعوة الاقربين . وفي كل نقلة تأريخية من هاتين النقلتين كان أبو طالب هو الدعامة الاساس والقوة المؤثرة في مسار الاحداث .
(51)
عام الحزن
انتهى الحصار وخرج رسول الله (ص) ومن معه من هذه القطيعة منتصرين ظافرين، وشاء الله سبحانه أن يتوفى خديجة ، الزوجة المخلصة ، والمرأة العقائدية الفذة ، التي أنفقت أموالها وثروتها الطائلة من أجل نصرة الدعوة، وتأييد الرسالة ، حتى غدت تبيت على جلد شاة من شدة الفقر والحاجة .
واجه رسول الله (ص) موقفا عاطفيا ونفسيا صعبا ، حين رأى خديجة تجود بنفسها وتلقي نظرات الوداع على من حولها ، لتستقبلها الجنان الخالدة ، حتى عبر عن ذلك بقوله : « بالكره مني ما أرى » .
لقد ماتت خديجة ، وكانت وفاتها في شهر رمضان في السنة العاشرة للبعثة النبوية بعد أن أمضت تلك السنين العشر مؤمنة صادقة مخلصة ، فكانت أول من آمنت به من النساء وصدقته ، وصبرت معه على الاذى والاضطهاد . إنها مثال المرأة المسلمة ، والزوجة المخلصة .
وتوالت الاحزان والآلام على رسول الله (ص) فتوفي عمه أبو طالب بعد وفاة خديجة بثلاثة أيام فقط ، وعمره آنذاك ست وثمانون سنة (وقيل تسعون سنة) .
دخل رسول الله (ص) على أبي طالب وهو على فراش الموت ، فمسح جبينه أربع مرات ثم خاطبه بقوله :
Shafi 70