وكانت ام عبيس أو (ام عنيس) أمة لبني زهرة ، فكان الاسود بن عبد يغوث يعذبها فاشتراها أحد المسلمين وأعتقها(1). وهكذا يدون التاريخ صورا من تلك الملحمة الخالدة ، التي انتصرت فيها الارادة الحرة ، وكلمة التوحيد، وقيم الهدى ، على الارهاب والتعذيب والخرافة .
إذن فلنع حركة الصراع ، وعظمة الروح التي وهبها الاسلام لاتباعه ، والقوة المعنوية التي صنعت تاريخ الاسلام ، وشادت أركان حضارة التوحيد الخالدة .
(45)
إن تلك الدروس لهي المعالم الدالة للانسان المسلم ، والمربي له ، كلما وجد نفسه في مواجهة الردة والجاهلية .
إلى الحبشة
وحين رأى الرسول (ص) إصرار قريش وعنادها ، واستعمالها الوسائل الارهابية والوحشية في محاربة الاسلام والفئة المسلمة التي آمنت به وصبرت على الاذى والاضطهاد ، أمرهم بالبحث عن أرض جديدة والفرار بدينهم ، والابتعاد عن الظلم والارهاب ، وحدد لهم الهجرة إلى أرض الحبشة ، على أن يبقى هو يواصل دعوته ويصبر كما صبر اولو العزم من الرسل بحماية عمه أبي طالب ، الذي كان زعيما لقريش وسيدها المعظم ، والذي تعهد للرسول بالحماية والدفاع عنه .
وقد سجل المؤرخون قرار الهجرة وثبتوه في وثائق التأريخ أسطرا لامعة في تأريخ الكفاح والثبات على المبدأ .
« ولما رأى رسول الله (ص) ما يصيب أصحابه من البلاء وما هو فيه من العافية بمكانه من الله عز وجل ، وعمه أبي طالب ، وأنه لا يقدر على أن يمنعهم ، قال : لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن فيها ملكا لا يظلم أحد عنده ، حتى يجعل الله لكم فرجا ومخرجا مما أنتم فيه . فخرج المسلمون إلى أرض الحبشة؛ مخافة الفتنة وفرارا بدينهم ، فكانت أول هجرة في الاسلام » (2).
Shafi 60