كان محمد (ص) يقف بين يدي رب العزة ، يؤدي الصلاة ، ويعلن العبودية لله أمام الملأ من الناس، فعظم على الطواغيت والمستكبرين ما يفعله (ص) ، فأمروا غلاما لهم أن يلقي الفرث والسلى ، الذي أفرزوه من جزور (1) ذبحوه توا على ظهر محمد ، فراح هذا الطائش المسخر ينفذ ما امر به ، ويلقي تلك الفضلات بين كتفيه (ص) وهو ساجد (2)، وهم جلوس على مقربة منه ، يشهدون المنظر ويعبرون عن حقدهم وصلفهم بهذا العدوان الاثيم .
أما محمد (ص) فقد اتخذ اسلوبا آخر للمواجهة ، رأى أن يضع عمه ومؤازره وناصر دعوته أبا طالب في مواجهة اولئك العتاة ، فتوجه إليه مخاطبا :
(كيف موضعي فيكم ؟ ) قال أبو طالب مستغربا : (وما ذاك يا ابن أخي ؟ ) ، فيخبره محمد (ص) بما فعل الطغاة معه ، فيستشيط أبو طالب غضبا لكرامة محمد (ص) ، ويقبل على المعتدين مشتملا بسيفه ، وهم جلوس في مجلسهم ، يتبعه غلام له ، ويقف في اجتماعهم غضبا متحديا ، ويخترط سيفه ، ويرفع صوته مهددا : (والله لا تكلم منكم رجل إلا ضربته).
ثم يأمر غلامه أن يقتص من اولئك الطغاة المستكبرين، وينزل بهم الاهانة التي لم يكونوا
(38)
يفكرون بها ، أمر غلامه أن يلطخ وجوههم واحدا بعد واحد بذلك الفرث والسلى .
ومع تلك الاهانة والتنكيل لم يكونوا ليجدوا ردا على أبي طالب سيد قريش وزعيمها ، غير قولهم : (حسبك فينا يا ابن أخينا ) .
وتستمر قريش بالضغط على أبي طالب ، وتحاول الفصل بينه وبين محمد (ص) ودعوته للاجهاز عليه والتفرد به ، ذلك لان أبا طالب كان يشكل قوة منيعة لمحمد (ص) ولدعوته ، فعاودوا الاجتماع بأبي طالب والتحدث معه ، وقالوا له :
Shafi 50