وحين رأت قريش أن محمدا مصر على مواصلة دعوته ، وتبليغ الرسالة ، أصرت هي على عنادها وعدوانها ، فازداد أذاها ، وتصدى زعماؤها لمحمد (ص) ، فكانوا يواصلون حربهم النفسية هذه ضده ، « ولقد كان من المستهزئين به عمه أبو لهب ، والعاص بن وائل السهمي ، والحارث بن قيس بن عدي السهمي ، والاسود بن عبد المطلب ، والحكم بن أبي العاص ، وعقبة بن أبي معيط ، وعدي بن حمراء الثقفي ، وعمر بن الطلاطلة الخزاعي » (1).
ولم يكتف هؤلاء المستهزئون بما يواجهون به محمدا (ص) من كلمات وعبارات نابية وإشاعات ساخرة ، بل كانوا يوكلون به صبيانهم وعبيدهم فيلقونه بما لا يحب ، كل ذلك
(37)
ليبالغوا في الاستخفاف به (ص) وإضعاف موقفه الادبي ، وتشكيل حاجز نفسي بين الناس وبين دعوته .
أسلوب آخر
ومضى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يواصل الدعوة بثقة ، ومضت الصفوة من المسلمين الاوائل يواصلون السير معه ويترسمون خطاه المباركة .
لقد أعيى قريشا موقف محمد (ص) ، واتساع دعوته وإقبال المحرومين والمستضعفين على الاسلام ، كما أعيى قريشا إصرار محمد (ص) على تحديها وتحطيم
كيانها الفكري والسياسي والاجتماعي ، فراحت تفكر بأساليب اخرى ووسائل جديدة لتزج بها في الصراع ، ومواجهة الدعوة التي زلزلت الارض تحت أقدامها .
لقد صعدت قريش عدوانها على محمد (ص) وتجرؤها عليه، فدفعوا بصبيانهم وعبيدهم لايذائه (ص) ، ومواجهته بالكلمات النابية ، والاساءة إليه والاستخفاف به ، والاعتداء على كرامته المقدسة بأعمال مستهجنة متردية تعبر عن مستواهم الاخلاقي وحقدهم المتراكم .
Shafi 49