153

آفاق جديدة

بادرت الرسالة الاسلامية إلى الافصاح عن هويتها الانسانية العالمية منذ أيامها الاولى في مكة المكرمة .

فهي رسالة تهيئ للانسان جميع فرص النمو والازدهار ، وتوازن بين جوانبه كافة ، فلا تمكن لجانب بالتنكر لجانب آخر ، ومن الطبيعي أن ذلك الامر لن يكون إلا إذا اعترفت الرسالة بالانسان كما هو ، طاقاته كلها ، وكل حاجاته ، وكل كيانه .

ولعل أبلغ نص قرآني دلالة على الصفة الانسانية للرسالة الاسلامية قوله تعالى :

(فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله ا لتي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين ا لقيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) . ( الروم / 30 )

فالاسلام دين الفطرة الانسانية ، وهو يتجاوب معها ، فلا يحرفها ولا ينكرها ، وإنما يعترف بها ، ويقر متطلباتها جمعاء .

وكما أفصح الاسلام عن هويته الانسانية ، منذ كان دعوة في مكة كما يتجلى ذلك في السور المكية التي تتناول حقيقة الكائن الانساني وتركيبه الروحي ، المادي .

نقول إلى جانب الاعلان عن الهوية الانسانية من قبل الرسالة الاسلامية ، أعلنت كذلك عن هويتها العالمية منذ أيامها الاولى ، فالآيات التي كشفت عن هذه السمة بكل قوة ووضوح كانت مكية :

(وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ). (الانبياء / 107)

(وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ). (سبأ / 28)

وخطاب يا أيها الناس ! إنما تكرر في السور المكية مرارا .

وكما أعلنت النصوص الاسلامية الاصيلة ، عن الصفة العالمية للاسلام ، فإن الواقع التطبيقي منذ بداية الدعوة كان يجسد تلك الاطروحة .

فطليعة المسلمين كان تركيبها يشير بوضوح وقوة إلى تخطي الاسلام لكل الفروق الجغرافية والقومية والقبلية والحواجز الطبقية وسواها .

Shafi 61