لقد أحدث هذا الكتاب هزة عنيفة في كيان النصارى في بلاد اليمن ، ورأوا أن يقدموا على رسول الله (ص) بوفد يخوض حوارا عقيديا وفكريا ، توجه الوفد برئاسة أبي حارثة الاسقف ومعه العاقب والسيد وعبدالمسيح وكوز وقيس والايهم ، فوصلوا المدينة ودخلوا على رسول الله (ص) في مسجده الشريف وهم متباهون بزينتهم وحليهم ظانين أن ذلك يؤثر على موقف رسول الله (ص) النفسي . وحين رآهم رسول الله متظاهرين بمظاهر العظمة المزيفة قال لاصحابه: «دعوهم». ثم التقوا رسول الله ، وبدأ الحوار والمساءلة طوال ذلك اليوم . ثم سأل أبو حارثة رسول الله : «يا محمد ! ما تقول في المسيح ؟ قال : هو عبد الله ورسوله . فقال أبو حارثة : تعالى الله عما قلت» .
وكان يظن في المسيح ظن الربوبية ، وحين اشتد إصرارهم على القوة من عقيدة الشرك وتأليه المسيح ورفض نبوة محمد (ص) ، أراد الله سبحانه أن يظهر لهم نبوة محمد (ص) بإجابة دعوته وبطلان عقيدتهم ودعواهم ، فأنزل الله على نبيه آية المباهلة ، قال تعالى :
(فمن حاجك فيه من بعدما جاءك من ا لعلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على ا لكاذبين ).(آل عمران/61 )
استمع الرسول (ص) إلى البيان الالهي . فأصغى إلى كلمة الفصل والنص السماوي له . إنه حجة إعجازية تضاف إلى حجته الفكرية والمبدئية ، وإذن توجه الرسول (ص) بالخطاب إلى وفد النصارى :
«إن لم تؤمنوا بي وتصدقوني ، فتعالوا نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذب وننتظر من سيقع عليه العذاب والعقاب الالهي فهو على باطل ، فقالوا للنبي : نباهلك غدا» .
Shafi 57