145

وبعد أن مضى بعض الوقت ، أمر رسول الله (ص) عمه العباس وكان جهوري الصوت أن ينادي المسلمين ، ويذكرهم بالعهد الذي بينهم وبين رسول الله (ص) ، فرفع العباس صوته مناديا : «يا معشر المهاجرين والانصار ! يا أصحاب سورة البقرة ! يا أهل بيعة الشجرة ! إلى أين تفرون ؟ هذا رسول الله» (1).

فسمع المسلمون صوت العباس ، فبادروا للعودة مسرعين ، حتى أن بعضهم ، ممن

لم تطاوعه دابته على العودة تركها في الوادي وهرول بسلاحه ، دون دابته ، وكل ينادي : لبيك ، لبيك (2) .

وتغير الموقف رأسا على عقب ، وتحول المسلمون إلى مهاجمين ، وقاتلوا ببسالة وثقة بنصر الله عالية ، فانهزم العدو لا يلوي على شيء .

واستمر العدو منهزما حتى دخل الطائف ، وكانت الطائف تقطنها قبيلة ثقيف ، التي كانت قد حصنتها تحصينا تاما ، فحاصرها رسول الله (ص) والمسلمون .

ولكن المدافعين عنها استعملوا النبال في صد المسلمين ، فأوقعوا بعض الخسائر في معسكرهم ، فابتعد المسلمون عن الحصن ، وبقوا يحاصرون الطائف عن بعد .

وهل ذو القعدة المكرم ، فأسرع رسول الله (ص) إلى أداء العمرة في مكة ، فرأت هوازن وثقيف أن الوقت قد حان لاستسلامها ، فأرسلت قائدها مالك بن عوف النضري إلى رسول الله

(ص) وهو في طريقه إلى مكة ، فأعلن إسلامه ، حيث سبق لرسول الله (ص) أن وعده بالعفو

(38)

إذا هو أسلم ، وفعلا عفا عنه (ص) ورد عليه ماله .

وتتابعت جموع هوازن لاعتناق الاسلام، ثم أرسلت وفدا إلى رسول الله (ص) من أربعة عشر رجلا، معلنة إسلامها ودخولها دار الاسلام، فرد (ص) عليهم أموالهم وأسراهم .

Shafi 53