الباب الثاني في إبطال الجبر المنافي لعدله ورحمته
هذا الباب قد طول علماؤنا البحث فيه وأتوا من الاحتجاج عقلا ونقلا بما لا مزيد عليه ونحن نذكر شيئا مما وضعوه فيه لما علمت من الاحتجاج في تثبيت الإمامة إليه فنقول
[الفصل الأول في مباحث الجبر والتفويض والأقوال في ذلك]
الله تعالى أمر ونهى ولو لا قدرة العبد على متعلقهما كان ذلك سفها ووعد على الفعل والترك بالثواب الجزيل ولو لا قدرة العبد لما كان ذلك أولى به من العذاب الوبيل ولخلت الفائدة عن صحائف الأعمال والإشهاد فيها إذا كانت الأفعال المنسوبة إلى العبد لا قدرة له عليها ولو لا قدرة العبد على الطاعة والعصيان لجاز من العدل الحكيم معاقبة أهل الإيمان وإثابة ذوي الكفران ولو جاز ذلك خرج الحكيم العدل إلى الظلم عن حكمته وعدله وبطل ما تمدح به من إثبات رحمته ولكان الطائع ناقص التدبير قليل التصوير حيث تعجل بمشقة التكليف إذ جوز أن يعاقب وإن أطاع وهذا هو الاعتقاد السخيف ولو لم يكن للعبد قدرة لكان وعده تعالى ووعيده راجعين إلى نفسه وكذا بعثه الأنبياء إنما هو إلى نفسه والمحاربة الواقعة من الكفار لنبيه ودويه صادرة عنه لا عن مكذبيه ولكان تكذيب الكافر لرسالته إنما هو من ربه فكأنه أرسله ثم كذبه فيعود الكذب على نفسه بأن يقول أنت أرسلتني ثم كذبتني فأنت الكاذب علي ويدل على إضافة الفعل إلى العبد آيات كثيرة وقد صنف الشيخ يحيى بن سعيد (رحمه الله) كتابا سماه الفحص والبيان عن أسرار القرآن وآخر سماه قبة العجلان وآخر سماه الموازنة قابل فيه آيات العدل بآيات الجبر فوجد آيات العدل تزيد عنها بسبعين آية قال ومن المعلوم أن الأدلة إذا تعارضت تساقطت وكان الحكم للفاضل
Shafi 23