ولا بد من عدم زيادة الثبوتيات خارجا من صفاته لامتناع افتقاره إلى مغاير لذاته ولأنها إن كانت قديمة بطل اختصاصه بوجوبه وإن كانت حادثة من خارج افتقر إلى غيره ومن ذاته في ذاته جاء الدور أو التسلسل وحلول الحوادث به ولا في ذاته فالعقل قاض للوصف بامتناع تجرده وحلوله في غير المتصف به.
ولا بد من اعتقاد عدله وحكمته المستندة إلى غنائه المستند إلى وجوبه فعلمه بقبح القبيح ولغنائه عنه يصرفه عن فعله لا أن فوقه حاكما يأمره بتركه كما توهمه من عدم كثيرا من رشده وقد تمدح تعالى في كتابه بأوصاف وأسماء تدل على عدله ونهاية رأفته وهي كثيرة تظهر لمن تتبعها وجعلها غاية مطالعاته وقد ذم الله من لم يعتبر ما تدل عليه الآيات بل اكتفى بإنزالها فقال تعالى أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها وليحسن أن يقال هنا شعرا
يا أمة كفرت وفي أفواهها
القرآن فيه صلاحها ورشادها
هلا تفكرت الرواة لما أتى
مما يزيل عن القلوب فسادها-.
وهذا الباب مبني على إثبات الحسن والقبح العقليين وهو حق للعلم الضروري بحسن الإحسان والمدح عليه وقبح الكفران والذم عليه من غير نظر إلى شريعة كما حكم بهما البراهمة والملاحدة ولم يقولوا بشريعة وأيضا لو لا كونهما عقليين لجاز التعاكس بأن يوجد في الطوائف من يعتقد حسن الكفران وقبح الإحسان ولما علمنا بطلان ذلك علمنا أنهما عقليان ولأنهما لو لم يثبتا إلا شرعا لم يثبتا عقلا ولا شرعا لأنا متى لم نحكم من عقولنا بقبح الكذب جاز وقوعه من الله تعالى بإخراج المعجز على يد المتنبي فلم نميزه عن النبي ولم نجزم بصحة شريعة ولا بصدق رسول فإذا استفدنا قبح الكذب من قوله الموقوف على صدقه الموقوف على المعجز الموقوف على قبح إعطائه الكذاب الموقوف على استفادة قبح الكذب منه لزم الدور فالأشاعرة يلزمهم إبطال دينهم حيث أنكروا مقتضى عقولهم
Shafi 21