قصة نهوضه عليه السلام من الجوف قاصدا صعدة
قال الراوي: فلما علم الأمير شمس الدين أن الإمام غير متأخر من صعدة وجه إليه الأميران الكبيران محمد بن حمزة بن الحسين من آل يحيى بن حمزة، وجعفر بن أبي هاشم بن محمد من آل الحسين بن حمزة للخطاب والصلح والتلطف للإمام، فلما وصلا إلى الإمام أحسن مقابلتهما وطول عليهما الإمام الكلام وهما عند الإمام كالجاسوسين لمن وجههما وقد عرف الإمام ذلك وعمل بحسبه، ثم نهض عليه السلام من الجوف في شهر محرم أول سنة ثمان وأربعين وستمائة وكان الأمير شمس الدين قد نهض إلى حصنه المعروف ببراش وهو الجبل الذي كان يسمى وتران وشحن في تلمص من الأجناد والخيل والعدة ما أراد، ثم إن أهل البلاد أقبلوا إلى الإمام منهم من وصل إليه إلى الجوف ومنهم من أتاه إلى الطريق وكان الأمير شمس الدين لما أحس بإقبال الإمام وجه الأمير أحمد بن محمد بن حمزة بن الحسين وكان هو ووالده بمكان عند الأمير شمس الدين إلى بلاد دهمة كالنازلين عليهم بالحريم ليكفوا شرهم، فأجاره شيخهم أحمد بن عمرو بن جيلان وحل عليهم بالحريم وعظم الأمر على دهمة وافترقوا فيما [56أ-أ] بينهم، وكان بينهم رجل يعرف اسمه منصور بن الرغيل حليف للإمام وموادا فاستعطاهم من الركوب إلى الأمير المذكور والجيرة له وقال له: الزم حذرك مني فلم يلتفت عليه فوثب عليه ذات يوم فقتله، فلما بلغ إلى أمير المؤمنين عظم عليه الحال؛ لأنه لا يريد للشرق إلا الصلاح ولأجل ما بينه وبين الأمراء آل يحيى بن حمزة بذيبين؛ إذ هو صهرهم وهم خواصه وأكثر خلق الله مودة فتكلم في ذلك معهم وأقسم ما أمرت بقتله ولا رضيت على هذه الصورة مع أني أعتقد أنه من جملة المحاربين وإنما حقهم يقتضي الصفح عنه والاحتمال وأنا لكم لزيم بما تطيب به نفوسكم ومجبر هذه الحادثة. هذا معنى ما ذكره، فقبلوا منه وشكروه.
Shafi 179