قال الراوي: فلما بلغ إليهم الكتاب لم يرفعووا به رأسا واستمروا على ما قد تعاقدوا عليه ووعدهم السلطان بالمدد بالمال والرجال وغرضه المقاطعة فيما بينهم وبين الإمام عليه السلام والرجوع إلى اليمن على مجمله، فأثاروا الحرب وقطعوا الطرقات والمنافع المتصلة بالإمام من الجهات التي يدهم عليها نافذة وأمير المؤمنين في خلال ذلك يعذر إليهم ولا يريد بعدهم، ويتلطف لهم بالقول رغبة في سلامتهم ورجوى أن يعودوا إلى ما عاهدوا عليه، فأما الأمير الكبير عماد الدين أبو المظفر يحيى بن حمزة بن سليمان فكان كلامه جميلا وجوابه سديدا وأعلن أنه باق على الإمامة ولوازمها إلا أنه قد كان طعن في السن لعله في ذلك الأوان ابن نيف وثمانين سنة. والله أعلم.
وقد كان ذهبت إحدى كريمتيه وضعف جسمه فغلبه ولداه ولم يتركا له سبيلا، وتابعهما جميع أخدامهم في الحصون وولاتهم، وكان في أيديهم من الحصون العظيمة بكرا، والطويلة، وبراش الباقر، وحصنان آخران، ومدع، والمصنعة، وكحلان، وفي حجة المقطوعة، والجاهلي، وحصنان، وشمسان، والقفل، وظفر، وحراف، ونعمان، وذروان كلها حصون سلطانية كاملة الشحن والعمارة الأكيدة وغير [48أ-أ] ما ذكرت من القلاع، فلما طال الأمر وتمادى القوم في حرب الإمام لم ير أمير المؤمنين أنه يسعه عند الله سبحانه إلا حربهم والاستعانة بمن أمكنه من المسلمين عليهم.
Shafi 150