118

Hasumiyar Sarakuna

سراج الملوك

Mai Buga Littafi

من أوائل المطبوعات العربية

Inda aka buga

مصر

عدوى البليد إلى الذكي سريعة والجمر يودع في الرماد فيخمد ومثل من يصحب السلطان ليصلحه مثل من ذهب ليقيم حائطًا مائلًا، فاعتمد عليه ليقيمه فخر الحائط عليه فأهلكه. وفي كتاب كليلة ودمنة: لا يسعد من ابتلى بصحبة الملوك فإنهم لا عهد لهم ولا وفاء ولا قريب ولا حميم، ولا يكرم عليهم إلا أن يطمعوا فيما عنده فيقربوه عند ذلك، فإذا قضيت حاجتهم تركوه ولا ود ولا إخاء إلا بجر البلاء والذنب لا يغفر. وقال بزرجمهر: لا تصلح صحبة السلطان إلا بالطاعة والبذل، ولا مواخاة الإخوان إلا باللين والمواساة، وقال بعض حكماء الفرس: المال والسلطان مفسدان لكل أحد إلا لرجل له عقل كامل. وقالت الحكماء: صاحب السلطان كراكب الأسد، يخافه الناس وهو لمركبه أخوف. وقالوا: من لزم باب السلطان فصبر صبرًا جميلًا وكظم الغيظ وطرح الأذى، وصل إلى حاجته الكرم لا يتعلق بأكرم الشجر لكن بأدناه. وكانت العرب تقول: إن لم تكن من قرباء الملك فكن من بعدائه. وفي حكم الهند: إنما مثل السلطان في قلة وفائه في أصحابه وسخاء نفسه عمن فقده منهم، كمثل صبيان المكتب كلما ذهب واحد جاء آخر. والعرب تقول: السلطان ذو غدوات وذو بدوات وذو نزوات؛ تريد أنه سريع الانصراف كثير البدوات هجام على الأمور. الباب الخامس والأربعون: في صحبة السلطان قال ابن عباس ﵄: قال لي أبي: يا بني أرى أمير المؤمنين يستخليك ويستشيرك ويقدمك على الأكابر من أصحاب محمد ﷺ، وإني أوصيك بخلال ثلاث: لا تفشين له سرًا، ولا تجرين عليه كذبًا، ولا تغتابن عنده أحدًا. قال الشعبي: قلت لابن عباس: كل واحدة منهن خير من ألف! قال أي والله خير من عشرة آلاف! وقالوا اصحب السلطان بحذر والصديق بالتواضع والعدو بالجهد والعامة بالبشر، ولا تحكم لأحد بحسن رأي الملك إلا بحسن أثره. وقال بعض الحكماء: لا تستطلع السلطان ما كتمك ولا تفش ما أطلعك عليه، ومن دل على السلطان استقله ومن أمتن عليه عادله، ومن أظهر أنه يستشيره أبعده. وقال نعض الحكماء: إذا زادك السلطان تأنيسًا فزده إجلالًا، وإذا جعلك أخًا فاجعله أبًا وإذا زادك إحسانًا فزده فعل العبد مع سيده، وإذا ابتليت بالدخول على السلطان مع الناس فأخذوا في الثناء عليه فعليك بالدعاء له، وإن نزلت منه منزلة الثقة فاعزل عنه كلام الملق، ولا تكثر من الدعاء له عند كل كلمة فإن ذلك شبيه بالوحشة والغلبة، إلا أن تكلمه على رؤوس الناس فلا تأل بما عظمته وذكرته وقال ابن المقفع: لتكن حاجتك في سلطانك ثلاث: خلال رضاء ربك ورضاء سلطانك ورضاء من تلى عليه. ولا عليك أن تلهو عن المال والذخر فسيأتيك منهما ما يكفي ويطيب. وقال مسلم بن عمر لمن عدم السلطان: لا تغتر بالسلطان إذا حباك ولا تتغير إذا أقصاك. وروي أن بعض الملوك استصحب حكيمًا فقال له: أصحبك على ثلاث خصال. قال: وما هن؟ قال: لا تهتك لي سرًا ولا تشتم لي عرضًا ولا تقبل في قول قائل حتى تستشيرني. قال: هذا لك فما لي عليك؟ قال: لا أفشي لك سرًا ولا أدخر عنك نصيحة ولا أوثر عليك أحدًا. قال: نعم الصاحب للمستصحب أنت! وقيل لعبد الله بن جعفر: ما الخرق؟ قال: الدلالة على السلطان والوثبة قبل الإمكان. وقال ابن المقفع: أولى الناس بالهلكة الفاحشة المقدم على السلطان بالدالة. وقال يحيى بن خالد: الدالة تفسد الحرمة القديمة وتضر بالمحبة

1 / 120