ابن الجراح وأبو المثنى أحمد بن يعقوب القاضى وغيرهم فخالفهم على ذلك العباس ونقض ما كان عقده معهم في أمر ابن المعتز وأحب أن يختبر أمر المقتدر وإن كان فيه محمل للقيام بالخلافة مع حداثة سنه وكيف يكون حاله معه وعلم أن تحكمه عليه سيكون فوق تحكمه على غيره فصدهم عن ابن المعتز وأنفذ عقد البيعة للمقتدر على ما تقدم ذكره ثم إن المقتدر أجرى الامور مجراها في حياة المكتفى وقلد العباس جميعها وزاده في المنزلة والحظوة وصير إليه الامر والنهى فتغير العباس على القواد واستخف بهم واشتد كبره على الناس واحتجابه عنهم واستخفافه بكل صنف منهم وكان قبل ذلك صافى النية لعامة القواد والخدم منصفا لهم في إذنه لهم ولقائه ثم تجبر عليهم وكانوا يمشون بين يديه فلا يأمرهم بالركوب وترك الوقوف على المتظلمين والسماع منهم فاستثقله الخاصة والعامة وكثر الطعن عليه والانكار لفعله والهجاء له فقال بعض شعراء بغداد فيه يا أبا أحمد لا تح * سن بأيامك ظنا واحذر الدهر فكم أه * لك أملاكا وأفنا كم رأينا من وزير * صار في الاجداث رهنا أين من كنت تراهم * درجوا قرنا فقرنا فتجنب مركب الكب * ر وقل للناس حسنا ربما أمسى بعزل * من بإصباح يهنا وقبيح بمطاع الا * مر ألا يتأنا اترك الناس وأيا * مك فيهم تتمنى وكان مما يشنع به الحسين بن حمدان على العباس أنه شرب يوما عنده فلما
سكر الحسين استخرج العباس خاتمه من أصبعه وأنفذه إلى جاريته مع فتى له وقال لها يقول لك مولاك اشتهى الوزير سماع غنائك فاحضرى الساعة ولا تتأخرى فهذا خاتمي علامة اليك قال الحسين وقد كنت خفت منه شيئا من هذا لبلاغات بلغتني عنه وكتب رأيت له إليها بخطه فحفظت الجارية وحذرتها فلم تصغ إلى قول الفتى ولا اجابته وكان الحسين يحلف مجتهدا أنه سمعه يكفر ويستخف بحق الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه قال في بعض ما جرى من القول قد كان أجيرا لخديجة ثم جاء منه ما رأيت قال فاعتقدت فتله من ذلك الوقت واعتقد غيره من القواد فيه مثل ذلك واجتمعت القلوب على بغضته فحينئذ وثب به القوم فقتلوه وكان الذى تولى قتله بدر الاعجمي والحسين بن حمدان ووصيف بن سوارتكين وذلك يوم السبت لاحدى عشرة ليلة بقيت من ربيع الاول من العام المؤرخ
Shafi 19