ومنته وطوله، لا بحولي وقوتي، ولا بطولي ومنتي، لما شاء ﷿ من حفظ كلام العرب، وحراسته بهذا الكتاب على الحقب، وسميته " كتاب شمس العلوم، ودواء كلام العرب من الكلوم، وصحيح التأليف، ومعجم التصنيف، والامان من التصحيف ". وذكر الدكتور بكري شيخ أمين أن باحثا استدرك على حمد الجاسر، فذكر الفارابي، وأنه سبق الجوهري، ولم يفتنا ذكر الفارابي ومنهجه قبل استدراك الباحث بسنوات. وكتب الدكتور بكري شيخ أمين بحثا في " الصحاح " وعملي فيه، ونشره في " المجلة العربية " (١) وأعاد القول فيما ذهب إليه الجاسر، وجاء في البحث قوله: " ولم نطلع على رد الاستاذ العطار على هذه النقطة، ولعله كتب ولم نصل إلى ما كتب، أو لعله آثر عدم الرد معتقدا أن المنهج المتكامل للجوهري يخوله حق إمامة هذه المدرسة وادعائها ". وأنا لم أرد على ما ذهب إليه حمد الجاسر، لان ما رآه لم أرض عنه، وكنت أحسب أن من القراء من أمثال الدكتور بكري لن يفوتهم إدراك الصواب في هذا الامر، ولكن فاتهم، حتى أن باحثا عراقيا حقق كتاب البندنيجي أخذ برأي الجاسر، واضطرني ذلك إلى كتابة رد عليه نشر في السنة الماضية بمجلة " المنهل " لصاحبها العلامة الشيخ عبد القدوس الانصاري، وبالملحق الادبي لجريدة " المدينة المنورة ". واطلعت بأخرة على كتاب (التقفية) (٢)، محققا بقلم الدكتور خليل إبراهيم العطية الاستاذ بكلية الآداب بجامعة البصرة، وقرأت تقديمه الكتاب، فإذا هو آخذ برأي الشيخ حمد الجاسر ومؤيده ومسلم به ومؤكد أن الجوهري غير مبتكر منهجه في صحاحه، وإنما المبتكر البندنيجي. وجاء في تقديم الدكتور العطية قوله: " احتل معجم (تاج اللغة وصحاح العربية) المعروف بالصحاح لابي نصر إسماعيل الجوهري المتوفى سنة أربعمائة للهجرة مكانة رفيعة لدى القدماء، فأولوه رعايتهم، وصادق اهتمامهم، وتناوله كثير منهم بالدراسة بين شارح له أو مختصر أو ناقد. " وتأثر بنظامه المعتمد على القوافي جمهرة منهم كانوا له محتذين، وما زالت أشهر المعجمات المتداولة التي ارتضت طريقته كلسان العرب والقاموس والمحيط وتاج العروس
_________
(١) العدد ٦ السنة الثانية، محرم ١٣٩٨ هـ (٧٧ - ١٩٧٨ م) .
(٢) عني بنشره وزارة الاوقاف بالجمهورية العراقية، وهي وزارة متضرمة النشاط في نشر كتب التراث، ومثلها وزارة الاعلام العراقية وغيرها من الوزارات والادارات التي نشرت مئات الكتب، حيا الله العراق.
1 / 17