Siddiqa Bint Siddiq
الصديقة بنت الصديق
Nau'ikan
ومن هي تلك الزوجة بعد هذا؟ هي بنت الصديق الذي لم يوصم بيته بوصمة في الجاهلية كما قال، حتى يوصم بهذه الوصمة الكبرى في الإسلام ومع نبي الإسلام.
إن أقوى الأدلة لا يحسم الشك هنا، فضلا عن تلك الوشاية الواهية، ويبقى على من يقبلها أن يسأل نفسه بعد هذا: كيف نشأت علاقة صفوان المزعومة؟ أفي تلك الليلة بعينها؟ فكيف اجترأ الرجل على مفاتحة أم المؤمنين، وهم يتهيبون المناداة عليها في هودجها؟ بل كيف تخطر له هذه المفاتحة وهو لا يشك في إيمانها بزوجها، وليس له علم قبل ذلك بخبيئة صدرها؟ وإذا اجترأ هذا الاجتراء هوسا منه، فكيف يصدق العقل أن امرأة النبي وبنت الصديق تكون هكذا لقطة لأول لاقط يصادفها؟ إن التي تكون كذلك لا يخفى سرها حتى يكشفه حديث الإفك، ويقتصر الحديث فيه على صفوان.
أما إن كانت العلاقة المزعومة قبل ذلك، فكيف خفيت بين الضرائر والحساد وقالة السوء من المنافقين؟ وما أغناهما إذن عن المجازفة في الطريق، وعن الكارثة التي تنكشف للجيش كله في نحر الظهيرة؟
كل أولئك سخف لا يقبله إلا من يفتري بوشاية أو بغير وشاية، وسواء فيه منافقو المدينة ومن يصنع صنيعهم من المؤرخين في العصر الحاضر؛ لأنهم لا يؤمنون بنبي الإسلام، بل هؤلاء أنذل وأغفل ؛ لأنهم يؤمنون بمريم والمسيح، وكان عليهم أن يعصمهم عاصم من هذا الإيمان. •••
إن تفنيد حديث الإفك له موضع من كتابنا هذا لأنه حادث في تاريخ السيدة عائشة له أثر في الإسلام والشريعة الإسلامية، وله أثر في ضميرها لم يفارقها طوال حياتها، وربما كان له أثر في موقفها من تاريخ الإسلام ترتبط به ذيوله على نحو من الأنحاء، ولولا ذلك كله لما استحق من المؤرخ كبير التفات.
بعد النبي
عاشت السيدة عائشة بعد النبي ستا وأربعين سنة، وتوفيت وهي في نحو السبعين من عمرها، سنة ثمان وخمسين للهجرة.
وقد توفي النبي - عليه السلام - في بيتها وفي زيارتها، ودفن بالمكان الذي كان ينام فيه.
وقد علم كثير من الناس عند اشتداد المرض به أنه مرض الوفاة، ولكنه كان قد صحا بعض الصحو قبيل يوم وفاته حتى استأذنه أبو بكر في الخروج إلى بيته بالسنح، وتفرق المسلمون متفائلين وهم يرجون الخير ويبعدون عن خواطرهم نذير الخوف. فلما قبض عليه السلام بعد ذلك روعت عائشة أيما روع، وتعاظمها الخطب أن تملك صبرها وهو يموت بين سحرها ونحرها، فنسيت لهول الساعة ما ينبغي لها أن تستقبل به هذا الوداع الذي لا يتكرر ولا تهونه سابقة وداع مثله، إنها أم المؤمنين التي لبثت السنين بعد السنين تلقنهم ما لقنها النبي من سداد التجمل ووقار الحزن في الملمات ... إذا هي تنسى كل ذلك ساعة فقده، وإذا هي امرأة والهة بين النساء تلتدم وتضرب وجهها، قالت: «... وجدت رسول الله
صلى الله عليه وسلم
Shafi da ba'a sani ba