Siddiqa Bint Siddiq
الصديقة بنت الصديق
Nau'ikan
ولقد تكون هذه السيدة الفضلى التي أفصحت عن كل فتوى نسوية سئلت عنها وهي ما تأذن لعمها في الرضاع أن يراها إلا بعد مراجعة النبي عليه السلام، فأسلوبها في تفصيل السنن النبوية والقواعد الشرعية إنما كان فريضة الأمانة وضريبة الوفاء، ولم يكن شيمة الطبع واللسان. •••
ودامت هذه الحياة الزوجية النادرة زهاء تسع سنين إلى أن توفي النبي عليه السلام.
ومن الحق أن توصف بأنها حياة زوجية سعيدة؛ لأننا لا نعرف بين أزواج الهداة والعظماء من ظفرت بأسعد منها أو كانت أرضى من السيدة عائشة عن حياتها.
ففي طوال هذه السنين لم تمتزج هذه الحياة قط بكدر أو مساءة تعود فيها التبعة على أحد من الزوجين.
وأخطر ما ألم بهذه الحياة الزوجية في السنين التسع كلها حديث الإفك، وغضب النبي من زوجاته جميعا لتنازعهن في فترة من الزمن، وإلحافهن عليه في طلب المزيد من النفقة والزينة.
فأما حديث الإفك فلا يد للزوجين فيه، وقد امتحنت به أريحية النبي وعطفه على أهله ؛ فأسفر عن خير ما تطمح إليه الزوجة من حنو وسماحة وإعزاز.
وأما غضب النبي من زوجاته لتنازعهن وإلحافهن في طلب النفقة، فعارض مضى مرة، ومضى أمثاله عشرات المرات في كل حياة زوجية بين جميع طبقات الناس، وكان خير درس لأمهات المؤمنين يعلمهن أن يصبرن على ضرورات العيش كما يصبر النبي عليها؛ لأنهن قدوة في القناعة ومغالبة الهوى ولسن بقدوة في الترف ونعمة العيش، وقد خيرن بعد هذا الدرس بين التسريح والصبر على نصيبهن، فاخترن أجمل النصيبين بهن، وهو الصبر على سنة الأنبياء وأمهات المؤمنين.
ومما لا شك فيه أن السيدة عائشة قد خامرها الأسى في هذه الحياة الزوجية لشيء لا حيلة لها ولا للنبي فيه، وهو الحرمان من الذرية التي كانت تتوق إليها كما تتوق كل أنثى، ولا سيما بعدما علمت من حب النبي لزوجته الأولى، ووفائه لعهدها، وترديده لذكراها؛ لأن له البنين والبنات منها.
وظهر ألمها هذا حين قالت للنبي وهي حزينة كاسفة: كل صواحبي لهن كنى! ... قال فاكتني بابنك عبد الله! يشير إلى عبد الله بن الزبير ابن أختها أسماء. فجعلت تكتني به وتحبه ذلك الحب الأموي الذي يستمد القوة من الحنو والشوق والحرمان.
واتفقت الأقوال على أنها - رضي الله عنها - لم تحمل قط إلا رواية جاء فيها أنها أسقطت ولدا سماه النبي عبد الله، فكانت لهذا تكنى بأم عبد الله.
Shafi da ba'a sani ba