صلى الله عليه وسلم
من مكة إلى المدينة، والسر في اختيار هذا الحادث العظيم مبدأ للتاريخ الإسلامي أنه مبدأ نصر الله رسوله على الذين حاربوا دعوته في البلد الحرام ثم مكروا به ليقتلوه، وكان الصديق أبو بكر هو وحده صاحب رسول الله
صلى الله عليه وسلم
في هذه الهجرة، ولما مرض رسول الله
صلى الله عليه وسلم
مرضه الأخير، فلم يقو على الصلاة بالمسلمين، أمر أبا بكر أن يقوم في الصلاة بهم مقامه، ولم يرض أن يقوم عمر بن الخطاب هذا المقام.
وإنما اختار النبي أبا بكر ليصحبه في الهجرة، وليصلي بالمسلمين مكانه؛ لأن أبا بكر كان أول المسلمين إيمانا بالله ورسوله، وأكثرهم في سبيل إيمانه تضحية، ولأنه حرص منذ أسلم على معاونة النبي
صلى الله عليه وسلم
في الدعوة لدين الله وفي الدفاع عن المسلمين، ولأنه كان يؤثر النبي على نفسه، ويقف إلى جانبه في كل موقف؛ ثم إنه كان، إلى قوة إيمانه، من أدنى الناس إلى كمال الخلق، ومن أحب الناس إلى الناس وأكثرهم إلفا لهم ومودة.
لا عجب، وذلك بعض شأنه، أن يبايعه المسلمون خليفة لرسول الله، ولا عجب، وتلك مواقفه، أن ينصر الإسلام وينشر ظل الله في الأرض، فيكون التأريخ له مبدأ التأريخ للإمبراطورية الإسلامية التي امتدت من بعد في الشرق وفي الغرب، إلى الهند والصين في آسيا، وإلى مراكش والأندلس في إفريقية وأوربا، والتي وجهت الحضارة الإنسانية وجهة لا يزال العالم متأثرا بها إلى اليوم.
Shafi da ba'a sani ba