Sicaya
السعاية في كشف ما في شرح الوقاية
Nau'ikan
ما مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول المائدة وقالت عائشة لان تقطع قدماي احب الى من ان امسح الخفين اجيب بأن المراد واجب اعتقاد جوازه بدليل المقام فان اصول الكلام لا يبحث فيها عن الفروع بالجواز وعدمه وانما يبحث فيه عن الاعتقادات وما روى من انكار الصحابة فقد صح رجوعهم الى قول عامة الصحابة انتهى كلامه وفي عمدة القارئ شرح صحيح البخاري للعيني قال في البديع المسح على الخفين جائز عند عامة الفقهاء وعامة الصحابة الا شيئا روى عن ابن عباس انه لا يجوز وهو قول الرفضة وروى عن الحسن البصري انه قال ادركت سبعين بدريا من الصحابة كلهم يرى المسح على الخفين ولهذا روى عن ابي حنيفة من شرائط اهل السنة والجماعة فقال نحن نفضل الشيخين ونحب الختنين ونرى المسح على الخفين ولا نحرم نبيد الجريعني المثلث وروى عنه انه قال ما قلت بالمسح حتى جاءني مثل ضوء النهار فكان الجحود ردا على كبار الصحابة ونسبتهم الى الخطأ فكان بدعة ولهذا قال الكرخي اخاف الكفر على من لا يرى المسح على الخفين ولم يختلف في ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين قال البيهقي وانما جاء كراهة ذلك عن علي وابن عباس وعائشة فاما الرواية عن علي قال سبق الكتاب المسح على الخفين فلم يروى ذلك عنه باسناد موصول يثبت مثله واما عائشة فثبت عنها انها احالت علم ذلك على علي واما ابن عباس فانما كرهه حين لم يثبت عنده مسح النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزول المائدة فلما بلغ اليه رجع عنه وقال الجوزقاني في كتاب الموضوعات انكار عائشة لا يثبت عنها وقال الكاساني واما الرواية عن ابن عباس فلم تصح لان مدارها على عكرمة وروى انه لما بلغ عطاء قال كذب عكرمة وروى عن عطاء قال كان ابن عباس يخالف الناس في المسح على الخفين فلم يمت حتى تابعهم وفي المغنى لابن قدامة قال احمد ليس في قلبي من المسح شيء فيه اربعون حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه انه قال المسح افضل من الغسل لان النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه انما طلبوا الفضل وهذا مذهب الشعبي والحكم واسحق وحماد وقال ابن المنذر هما سواء وهي رواية عن احمد وقال اصحاب الشافعي لغسل افضل من المسح بشرط ان لا يترك المسح رغبته عنه وعن مالك فيه اقوال احدها لا يجوز المسح اصلا الثاني يجوز ويكرهه الثالث وهو الاشهر يجوز بغير توقيت الرابع يجوز بتوقيت الخامس يجوز للمسافر دون المقيم السادس عكسه وعن احمد روى في المسح سبعة وثلثون صحابيا وعنه اربعون وكذا قال البزار في مسنده وقال ابن ابي حاتم ااحد واربعون وقد اشرنا الى رواية ستة وخمسين من الصحابة في المسح في شرحنا المعاني الاثار من شاء الوقوف عليه فليرجع اليه انتهى كلامه وفي فتح القدير قال ابو حنيفة ما قلت بالمسح جائني فيه مثل ضوء النهار وعنه اخاف الكفر على من لم يره لان الاثار التي جاءت فيه في حيز التواتر وقال ابو يوسف خبر المسح يجوز نسخ الكتاب به لشهرته وقال احمد ليس في قلبي من المسح شيء فيه اربعون حديثا عن اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رفعوا وما وقفوا وروى ابن المنذر في اخرين عن الحسن البصري قال حدثني سبعون رجلا من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم انه مسح على الخفين وممن روى المسح عنه صلى الله عليه وسلم ابو بكر وعمر وعلي وابن مسعود وابن عمر وابن عباس وسعيد والمغيرة وابو موسى وعمرو بن العاص وابو ايوب وابو امامة وسهب بن سعد وجابر وابو سعيد وبلال وصفوان بن عسال وعبد الله بن الحارث بن جزء وم جاز بالسنة سلمان وثوبان وعبادة ويعلى بن مرة واسامة بن زيد وعمرو بن امية وبريدة وابو هريرة وعائشة وما رواه محمد بن مهاجر البغدادي عن عائشة لان اقطع رجلي بالموس احب الى من ان امسح على الخفين حديث باطل نص عليه الحفاظ انتهى قال جاز بالسنة قد اشار بهذه الجملة الى امورا الامر الاول ان المسح على الخفين جائز وليس بواجب في نفسه لا في حال التخفف ولا في حال التجرد عنه فلا يجب على غير لابس الخفين ان يلبسهما ويمسح عليهما ولا على لابسهما ان يمسح قطعا فان له ان ينزع ويغسل رجليه فأن قلت قد حكم الامام ابو حنيفة في كتاب الوصية بأنه واجب قلت معناه واجب اعتقاده فلا ينافي جوازه عملا نعم يمنع من الغسل حالة التخفف والحاصل ان ههنا صورتين الاولى ان يكون المتوضي مجرد الرجلين عن الخفين غير قاصد للبسهما وفي هذه الصورة لا يجب عليه المسح بالضرورة كيف ولو وجب ذلك للزم زجزب لبس الخفين عليه فان مالا يتم الواجب الا به فهو واجب وبعبارة اخرى مقدمة الواجب كما تقر في كتب الاصول ومن المعلوم ان لبس الخف ليس بواجب على احد في حال من الاحوال لا ابتداء ولا بقاء بالاجماع الثانية ان يكون لابس الخفين وح ايضا لا يجب عليه ان يمسح بل له ان ينزع الخفين ويغسل الرجلين فأن ابقاء الخفين في الرجلين ليس بواجب ولو وجب المسح في حال لبسهما في المدة لوجب ابقاء لبسهما لكن ليس له ان يغسل الرجلين مع لبس الخفين بأن يصب الماء فيهما فأن فعل ذلك اجزاه الغسل وبطل مسحه واثم من هذا الفعل وسياتي تفصيل هذه المسألة عن قريب ان شاء الله تعالى وهذا كله اذا نظر الى المسح في حد ذاته مع قطع النظر عن ما يعرضه والا فقد يجب بالعوارض الخارجية كمن ليس معه من الماء الا ما يكفيه بأن يكون لو غسل رجليه لا يكفي لوضوئه ولو توضأ وممسح به كفاه ح يجب عليه المسح وكمن يخاف فوت وقت الصلوة او فوت الوقوف بعرفة ان غسل رجليه وان مسح يدركهما يجب عليه المسح كذا في البحر الرائق والنهر الفائق الامر الثاني ان الغسل افضل من المسح فأنه لو كان المسح افضل لاختار لفظا يدل عليه مثل ندب او استحب او نحو ذلك وقد وقع الخلاف في هذا كما مر سابقا عن عمدة القارئ فمن قال المسح افضل استند بأن النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه اخذوا به ولو كان الغسل افضل لاختاروه ومن قال الغسل افضل استند بأن المسح رخصة والغسل عزيمة ومن المعلوم ان الاخذ بالعزيمة اولى وبأن الغسل اشق لا سيما في ايام البرد واختيار الاشق لا سيما على المكاره افضل وبان ثبوت الغسل بالكتاب وثبوت المسح بالسنة والاخذ بما ثبت بالكتاب اولى وافضل وبان الطريقة الغالبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه انما هي الغسل والمسح ثبوته عنهم قليل بالنسبة الى ثبوت الغسل وبان اختيار الغسل ابعد من شبهة الخلاف فأنه قد وقع الخلاف في جواز المسح من عهد الصحابة الى من بعدهم وان كان الخلاف فيه ركيكا والقول لعدم جوازه ضعيفا وبهذا ظهر بطلان ما استند به ارباب تفضيل المسح فان النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه وان كان ثبت عنهم المسح لكنه قليل بالنسبة الى الغسل ومن المعلوم ان ما اخذوا به غالبا افضل مما اخذوا به احيانا علا انه لا يلزم من ثبوته عنهم كونه افضل فانهم كثيرا اما كانوا يعملون بالايسر ترفيه وتيسير على الامة مع انه منقوض بسائر الرخص الثابتة عنهم كترك الصوم في السفر ونحوه ويؤيد كون الغسل افضل حديث علي قال رخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث اخرجه ابن خزيمة في صحيحه وغير ذلك من الاخبار الدالة على ان المسح رخصة والغسل عزيمة فان قلت هذا معارض بحديث المغيرة عند ابي داود عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا امرني ربي وغيره من الاحاديث الناصة على ان النبي صلى الله عليه وسلم امرهم بذلك كما مر ذكرها فان الامر لم يكن للوجوب الذي هو معناه الحقيقي فهو للندب قلت هذا باطل اما اولا فلأنه صرح في كتب الاصول ان الخلاف بين كون الامر موضوعا للوجوب او للندب او للاباحة وكون الاصح وضعه للوجوب انما هو في صيغ الامر لا في لفظ الامر المركب من الالف واللام والميم والراء فان مشترك الاطلاق ومتساوى الاستعمال في جميع الصيغ سواء استعملت للوجوب او لغيره فليس الوجوب معنى حقيقيا للامر ولا للفظ امرنا او امرني او كان يامرنا دلالة على وجوب المامور به او ندبه مالم تنضم اليه قرينة خارجية واما ثانيا فلأن الامر عند عدم كونه للوجوب لا يتعين حمله على الندب بل الظاهر حمله على الادنى وهو الاباحة الا ان يدل دليل على ما فوقه ومما برد في هذا المقام ان المسح ان كان رخصة فهو رخصة اسقاط كما صرح به الاصوليون فينبغي ان لايكون الغسل مشروعا ولا يثاب على اتيان العزيمة اذ لا ينبغي العزيمة مشروعة اذا كانت الرخصة رخصة اسقاط كما في قصر الصلوة والجواب عنه بوجهين الاول ما ذكره ابن الهمام والعيني وغيره من شراح الهداية والنسفي في المستصفى وغيرهم ان العزيمة ههنا ايضا لم تبق مشروعة في حق لابس الخف مادام متخففا والثواب انما هو باعتبار النزع والغسل فذا نزع سقط سبب الرخصة في حقه فكان هذا نظير من ترك السفر وسقط عنه سبب الرخصة وعليه يتفرع انه لو صب الماء في خفية بنية الغسل يصير اثما كما في الدر المختار والبحر وغيرهما والثاني ما اختاره الزيلعي في شرح الكنز من منع كونه رخصة اسقاط وخطأ الاصوليون في نمثيلهم لرخصة الاسقاط بمسح الخف لانه قد نص في كتب الفقه على انه لو خاض في ماء بخف فانغسل اكثر قدميه بطل المسح وكذا لو تكلف غسلهما من غير نزع اجزاه عن الغسل فعلم ان العزيمة مشروعة مع الخف ايضا والا لم يعتبر وصول الماء الى قدميه في حقه واذا كان هذا هكذا فلم يكن رخصة اسقاط لان العزيمة فيها لا تبقى مشروعة في زمان الرخصة ورد هذا الجواب بوجهين احدهما ما ذكره مولى خسر وفي الدرر شرح الغرر من ان المراد بالمشروعية في قولهم لا تبقى العزيمة مشروعة او تبقى مشروعة هو الجواز في نظر الشارع بحيث يترتب عليه الثواب ان يترتب عليه حكم من الاحكام الشرعية ويدل عليه نظيره من قصر الصلوة فان العامل بالعزيمة ثمه بان صلى اربعاء قعد على الركعتين ياثم مع ان فرضه يتم وثانيهما ما ذكره ابن الهمام في فتح القدير بقوله مبنى هذه التخطية على صحة هذا الفرع وهو منقول في الفتاوى الظهيرية ولكن في صحته نظر فان كلمتهم متقفة على ان الخف اعتبر شرعا مانعا سراية الحدث الى القدم فتبقى القدم على طهارتها ويحل الحدث بالخف فيزال بالمسح وبنوا عليه منع المسح للمتيمم وللمعذورين بعد الوقت وغير ذلك من الخلافيات وهذا يقتضي ان غسل الرجل في الخف وعدمه سواء اذا لم يبتل معه ظاهر الخف في انه لم يزل به الحدث لانه في غير محله فلا يجوز الصلوة به لانه صلى مع حدث واجب الرفع اذ لو لم يجب والحال انه لا يجب غسل الرجل جازت الصلوة بلا غسل ولا مسح فصار كما لو ترك ذراعيه وغسل محلا غير واجب الغسل كالفخذ ووزانه في الظهيرية بلا فرق لو ادخل يده تحت الجرموقين فمسح على الخفين ذكر فيها انه لم يجز وليس الا لانه في غير محل الحدث والاوجه في ذلك الفرع كون الاجزاء اذا خاض النهر لابتلال الخف ثم اذا انقضت المدة انما لا يتقيد بها لحصول الغسل بالخوض والنزع انما وجب للغسل وقد حصل انتهى كلامه وخدش الحلبي في غنية المستملى كلا من الوجهين وجعل كلا الردين مردودين اما رد صاحب الدرر فبقوله ما قاله من ان المراد هو الجواز بحيث يترتب عليه الثواب غير مسلم فأن ايمننا انما يريدون بالمشروعية الجواز بحيث تترتب عليه الاحكام غير ان الثواب من جملة احكام الفعل الذي يقصد بع العبادة فغسل الرجل حال التخفف لو لم يكن مشروعا لما ترتب عليه حكمه كم جواز الصلوة وغيره مما تشترط له الطهارة واستدلاله بنظيره من قصر الصلوة غير صحيح فان المسافر اذا صلى اربعا وقعد على رأس الركعتين لا يكون اتيا بالعزيمة وليس في وسعه ذلك لان فرضه ركعتان لا يطبق الزيادة عليهما فرضا كما لا يطيق المقيم الزيادة على الاربع فرضا وانما تم فرضه ركعتين فحسب واتم لبناء النفل وهو الركعتان الاخريان على تحريمة الفرض لا لانه اتى بالعزيمة مع عدم جوازها واباحتها له بخلاف المتخفف الذي انغسل اكثر رجليه حيث اعتبر الغسل شرعا وترتب عليه حكم من الاحكام الشرعية وهو بطلان المسح ولزوم الخف لاتمام الغسل ولو قدر انه غسل كلتا الرجلين متخففا لترتب عليه انه لا ينتقض بتمام المدة ولا بنزع الخف مع جواز الافعال التي تشترط لها الطهارة فثبتت مشروعية الغسل ال التخفف مع تصور وجوده شرعا وتحققه بخلاف الاتمام واما كلام ابن همام فبقوله اقول اولا منع صحة الفرع فيه بعد فانه ذكر في الظهيرية فتاوى قاضيخان وثانيا قوله لانه في غير محله غير مسلم اذ لو لم يجب الخ قلنا عدم وجوب غسل الرجل عين لا يستلزم وجوب المسح عينا لجواز كون الواجب احدهما لا على التعيين كما في الواجبات المخيرة وتشبيه بترك الذراعين وغسل الفخذين غير صحيح على مالا يخفى وثالثا توجيه الفرع المذكور بقوله والاوجه الخ انما يتأتى على انغسال الرجلين كلتيهما على التمام مع ابتلال قدر الخف من ظاهر الخفين مع عدم بطلان المسح والمذكور في ذلك الفرع انغسال الرجل وبطلان المسح ووجوب نزع الخفين وغسل الرجلين ورابعا انا نفرق بين غسل الرجلين مع بقاء التخفف ومسح الخف مع بقاء الجرموق حيث اعتبر الغسل في الاول وبطل مسح الخف به ولم يعتبر المسح في الثاني بأن مسح الخف بدل من الغسل ولا بقاء للبدل مع وجود الاصل ومسح الجرموق ليس بدلا عن مسح الخف بل هو بدل الغسل ايضا فعند تقرر الوظيفة لا يعتبر البدل الاخر فح لا يكون وزانه وزان الثاني واما الجواب عن قوله ان كلمتهم متفقة الخ فهو ان الخف انما اعتبر مانعا ترخيصا لدفع الحرج اللازم بايجاب الغسل عينا فاذا حصل الغسل زال الترخيص لزوال السبب المختص هو به فقدر حلول الحدث قبل الغسل فحل الغسل في محله انتهى كلامه وستطلع على تفصيل مناسب لهذا البحث فيما سياتي ان شاء الله الامر الثالث ان ثبوت المسح على الخفين ليس مختصا بالحديث القولي بل ثبت ذلك بكل واحد من اقسام السنة قولية كانت او فعلية او تقريرية فقد علم مما مر ان النبي صلى الله عليه وسلم اجازه قولا وفعلا وتقريرا وكذا قال المصنف بالسنة ولم يقل بالحديث فأن الحديث غالبا يختص بأقوال النبي صلى الله عليع وسلم واقوال اصحابه ومن بعدهم والسنة تعم القول والفعل والتقرير كما عرف في كتب الاصول الامر الرابع ان القول بثبوت المسح على الخفين من الكتاب على قراءة الجر في قوله تعالى وارجلكم كما قال الحافظ ابو بكر بن العربي قرأ يونس علقمة وابو جعفر بالخفض والمشهورة قراءة النصب وبينهما تعارض فالحكم في تعارض القراءتين كالحكم في تعارض الايتين وهو انه ان امكن العمل بهما يعمل مطلقا وان لم يمكن العمل بهما يعمل بهما بالقدر الممكن وههنا لا يمكن الغسل والمسح في عضو واحد في حالة واحدة لانه لم يقل به احد من السلف ولانه يودي الى تكرارالمسح لان الغسل يتضمن المسح والامر المطلق لا يقتضي التكرار فيعمل في حالتين فيحمل قراءة النصب على ما اذا كانت الرجلان باديتين ويحمل قراءة الجر على ما اذا كانتا مستورتين بالخفين توفيقا بين القرائتين وعملا بهما بالقدر الممكن انتهى كلامه لا يخلو عن الضعف لان حمل قوله تعالى وارجلكم الى الكعبين على المسح حالة التخفف ينافيه قوله الى الكعبين فان المسح لا يكون الى الكعبين بل مقدار المفروض منه هو مقدار ثلثة اصابع من اصابع اليد والرجل ويسن مد اليدين الى الساقين على ظاهر الخفين ولا نصيب للكعبين منه كما سيأتي تفصيله ان شاء الله تعالى ومما يرد في هذا المقام ايرادات الايراد الاول ان السنة وان كانت وردت بجواز المسح على الخفين لكن يجوز ان يكون ذلك قبل نزول اية الوضوء وهي قوله تعالى ياايها الذين انموا اذا قمتم الى الصلوة فاغسلوا وجوهكم وايديكم الى المرافق وامسحوا برؤسكم وارجلكم الى الكعبين الاية الحاكم بافتراض غسل الرجلين على مامر تحقيقه في صدر الكتاب فيكون منسوخا بالاية والجواب عنه انه قد مر سابقا ان نزول اية الوضوء كان في قصة عقد عائشة وكان ذلك سنة خمس او ست او اربع على اختلاف الاقوال وثبت عند مسلم وغيره من حديث بريدة مسح النبي صلى الله عليه وسلم على خفيه في غزوة الفتح ومن المعلوم ان تلك الغزوة كانت في رمضان سنة ثمان وثبت عند الطبراني من حديث جرير مسحه صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ومن المعلوم ان الحجة النبوية كانت سنة عشر وثبت عند الطبراني واحمد والبزار وغيرهم من حديث عوف امره صلى الله عليه وسلم بالمسح في غزوة تبوك ومن المعلوم ان تلك الغزوة كانت سنة تسع فبطل بذلك كله احتمال تأخر نزول الاية عن صنيع المسح واصرح من ذلك ما اخرجه الدارقطني عن عائشة ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح منذ انزلت عليه سورة المائدة حتى لحق بالله وفي رواية ابي داود وابن خزيمةوالحاكم عن جرير قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح قالوا انما كان ذلك قبل نزول المائدة قال مااسلمت الا بعد نزول المائدة اي بعد نزول الاية التي فيها ذكر الوضوء وليس المراد به جميع المائدة فأن منها ماتأخر نزوله من اسلامه كقوله تعالى اليوم اكملت لكم دينكم الاية فانها نزلت يوم عرفة في حجة الوداع واسلام جرير كان في شهر رمضان سنة عشر من الهجرة ومن لطائف هذا الحديث الاستدلال بالتاريخ عند الحاجة اليه فان جرير استدل بتأخر اسلامه على بقاء حكم مسح الخفين وانه لم ينسخ كذا في مرقاة الصعود شرح سنن ابي داود للسيوطي الايراد الثاني ان سورة المائدة التي فيها اية الوضوء اخر سور القران نزولا كما اخرجه الترمذي والحاكم عن عبد الله بن عمرو وروى الحاكم عن عائشة قالت اخر سورة نزلت المائدة فما وجدتم فيها من حلال فاستحلوه وما وجدتم فيها من حرام فحرموه وهذا يدل على ان جميع احكامها ثابتة غير منسوخة فكيف يثبت حكم المسح من الاحاديث الرافع لحكم الغسل الثابت باية المائدة والجواب عنه اما اولا فبان كون المائدة اخر سور نزلت ليس متفقا عليه بل قد اختلف فيه فقد قيل اخر سورة نزلت سورة البراءة وقيل سورة اذا جاء نصر الله وكذا وقع الاختلاف في اخر اية نزلت فقيل اية الربا وقيل اية الدين وقيل اية واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله وقيل لقد جاءكم رسول من انفسكم وقيل غير ذلك كما فصلت كل ذلك مع تنقيد الحق في رسالتي تبصرة البصائر بمعرفة الاواخر واما ثانيا فبانه لو سلم كونها اخر سور القران نزولا لكن لا يلزم منه كونها اخر القران نزولا مطلقا فيجوز ان ينزل بعدها اية من سورة اخرى تنسخ بعض احكامها واما ثالثا فبان كونها اخر السور نزولا لا يستلزم ان تكون اية الوضوء ايضا متاخرة نزولا بل قد ثبت نزولها قديما قبل سور وايات كثيرة كما مر بحثه في صدر باب التيمم والمقصود انما يحصل ان ثبت تاخرها نزولا واما رابعا فلأن اخريتها نزولا ان استلزم فلا يستلزم الا عدم نسخ احكامه بشيء من القران لا ان لا ينسخ شيء من احكامها بالحديث ايضا وقد مر مناما ينفع هذا البحث في بحث مسح الراس فتذكره الايراد الثالث ان الثابت بالقران من قوله تعالى وارجلكم بكسر اللام او فتحها انما هو المسح دائما او الغسل دائما على مامر تحقيقه في موضعه فاثبات مسح الخفين بالاحاديث موجب لتقييد اطلاق القران وابطال وتقييد الاطلاق
نسخ له فيلزم نسخ الكتاب بالحديث وذالا يجوز كما صرح به اهل الاصول وجوابه ما اشار
Shafi 728