Shuyuciyya Wa Insaniyya

Abbas Mahmud Al-Aqqad d. 1383 AH
78

Shuyuciyya Wa Insaniyya

الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام

Nau'ikan

لتكن الجماعة أولى بالرعاية من الفرد الصغير أو الكبير.

نعم، هو كذلك، وقد كان كذلك، وكانت الجماعة على هذا تفهم أنه عظيم ولا تفهم أنه صغير.

ولتكن العظمة ضرورة من ضروريات التفاعل الاجتماعي لا فضل فيها لصاحبها.

نعم ، هي كذلك، وقد كانت كذلك، ولم يقل أحد أننا نتربص بها لنهينها ونغض من قدرها، ونصيح في وجهها لسبب ولغير سبب قائلين مكررين: إن غيرك قد كان وشيكا أن يحل في محلك ويفعل ما فعلت أو ما ستفعلينه.

وليكن الفضل الأكبر لموافقة الظروف الاجتماعية، ولا فضل لأحد لم توافقه هذه الظروف، لكنه فضل لازم، ووجد لأنه لازم، واستحق التقدير اللازم لأنه لازم، ولا يقال عنه: إنه فضول، وإنه ادعاء غير مقبول.

فإلى مصدر آخر غير البحث العلمي والآراء الفكرية نرجع بالنظر لتفسير النقمة على حق الفرد العظيم أو غير العظيم، أو لتفسير النقمة على كل فرد له لون، وله شية، وله علامة مميزة، بين القطيع السائم الذي لا لون له ولا شية ولا علامة!

نرجع إلى طبيعة الدناءة التي تنبع منها الشيوعية، وتتجه إليها في نفوس المستجيبين لها، وكلما اختبرنا هذا المذهب، واختبرنا ضمائر أصحابه تكشف لنا مصدر الشيوعية في جوانب شعورها وجوانب تفكيرها، فمن الخطأ أن نتوهم أنها نقمة على امتياز الثروة المغتصبة كالنقمة التي يشترك فيها جميع الناس، في جميع العصور، ولكنها في أعمق مصادرها نقمة على كل امتياز، وحسد لكل ممتاز، ولو كان امتيازه لنفع بني قومه أو نفع بني الإنسان. •••

ومن الوقائع المشهودة أن تاريخ الشيوعية نفسها يبرز لنا عمل الفرد في توجيه الجماعات وتحويلها عن وجهتها، فليس إعلان الدعوة الشيوعية في روسيا حتما من قضاء التاريخ، لو لم يكن «لينين» على رأس الفئة التي تسلمت زمان الثورة الروسية بعد سقوط آل رومانوف.

فلم تكن روسيا ممهدة للدعوة الشيوعية دون غيرها تمهيدا لا منصرف عنه إلى سواه، ولكنها سارت في طريق الشيوعية؛ لأن الفئة التي قادتها يومئذ هي التي سيرتها إليها، وقد تولى النازيون أمر الثورة في ألمانيا، وتولى الكماليون أمر الثورة في تركيا، وتولى «سن يات سن» أمر الثورة في الصين، وقامت في العالم ثورات متفرقات بقيادة هيئات من هذا القبيل، فاختلف الاتجاه باختلاف القيادة، ولم يكن بين الأمم التي انقادت لها من جامعة بينها غير السخط وحب التغيير، ولو أن فيالق «لينين» لم تتسلم زمام الأمر في روسيا، لما كان حتما لزاما أن تسير البلاد على الخطة التي سارت عليها تطبيقا لمذهب «كارل ماركس» أو خروجا عليه.

وما هو الحتم التاريخي الذي كان يستلزم قيام الدعوة الشيوعية في روسيا بعد الحرب العالمية الأولى؟ بل ما هو الحتم التاريخي الذي كان يستلزم إيمان «لينين» بمذهب المادية التاريخية؟ إن «لينين» لم يحلم قط بأن تقوم الثورة في حياته، وكان يقول: إنها لو قامت في مدى مائة سنة لحق للثائرين أن يغتبطوا بهذا التوفيق، ولعله كان واحدا من أولئك الثوار الروس الذين قالوا للزعيم الصيني «سن يات سن» - كما قلنا في كتابنا عنه - إنهم لا يتوقعون الثورة وهم بقيد الحياة!

Shafi da ba'a sani ba