Shuyuciyya Wa Insaniyya
الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام
Nau'ikan
فإن الدعوى المجردة من السند هي صبغة هذا المذهب التي لا تخفى على ناظر إليه من النظرة الأولى؛ لأنه يطلب التسليم بالدعوى من التعريف، ثم يجعل التعريف حلا للقضية قبل ثبوته، وقبل ثبوت القضية من باب أولى.
فهو يقرر - مثلا - أن الإنسان حيوان منتج، ويعتبر هذا التعريف حقيقة مفروغا منها، ثم يثبت باستناده إليه أن الإنتاج هو قوام كل شيء في المجتمعات الإنسانية.
ولكن المسألة كلها لا تبتدئ بالإنتاج، بل لا بد قبلها من صفات أخرى في الإنسان قبل الوصول إلى هذه الصفة، وتلك هي؛ أولا: امتيازه بمطالب أخرى غير مطالب الحيوان، وهي ثانيا: قدرته على تدبير هذه المطالب بالإنتاج، وهي ثالثا: إنتاجه لما أراده حسب مطالبه وكفاياته، ثم يأتي الإنتاج بعد ذلك كله محكوما بمقدماته، وليس هو الحاكم لها على الجملة أو على التفصيل.
والماركسيون يقررون أن المادة مبنية على التناقض، ويعتبرون تعريفها بذلك حلا لقضية التناقض، وهو المشكلة التي تحتاج إلى الحل ، وليس هو التعريف والحل في آن.
ويقررون أن الطبقة هي الجماعة من الناس التي تخالف مصالحها مصالح سائر الطبقات، ثم يجعلون تنازع الطبقات سببا لأطوار التاريخ، ويطلبون التسليم بهذا التطور بعد اشتراط النزاع من الكلمة الأولى في التعريف.
ولقد ضلوا السبيل عن أقرب الطبقات إلى الطبقة البرجوازية، وهي طبقة الإقطاعيين، واسمها باللغات الأجنبية معناه طبقة المتنازعين
Feudal ، فكيف يصبح الإقطاعي الذي يحارب الإقطاعي مثله حرب المستميت عضوا في طبقة واحدة؟! وكيف يصبح التابعون للإقطاعي أعداء له، وهم يحاربون في صفه من كان تابعا للإقطاعيين الآخرين؟!
وهكذا يقوم المذهب كله على تعريفات سابقة لكل بحث وكل تحقيق، وما كان لأمثال هذه الدعاوى من حق في المناقشة الجدية - باسم العلم لولا نزعة العصر كله أيام المناداة بها، ولولا أن النبوءات الباطلة التي قامت على تلك الدعاوى كانت لا تزال في انتظار التجربة الواقعية، التي لا ننتظرها نحن أبناء العصر الحاضر؛ لأننا نلمس أنقاضها باليدين.
وكل ما بقي اليوم من الماركسية فهو هذه المذاهب الاشتراكية «للديموقراطية» التي قامت في أرجاء العالم على غير أساس من دعاوى الماركسيين، وقد تعاد طبعة هذا الكتاب مرة أخرى وهو من قبيل الكلام التاريخي المحفوظ بغير حاجة من وقائع الزمان إلى برهان عليه؛ لأن الواقع الملموس باليدين سوف يغني عن ذلك البرهان.
تمهيد
Shafi da ba'a sani ba