Shuyuciyya Wa Insaniyya
الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام
Nau'ikan
نعم إلا الشيوعيين؛ فلا كلمة لهم في العمر الطبيعي المقدور للدين؛ لأنهم يفسحون لمذهبهم العمر من القرن العشرين إلى ما شاءوا من القرون السبعين والثمانين والتسعين، ولا سند لهم من إله أو نبي أو رسول، إلا أن يكون «كارل ماركس» أو «لينين» أو «ستالين».
محصول الدعوة
والمحصول من مراجعة الاشتراكية العلمية أنها اشتراكية طوبية غير علمية، وأنها أشد إمعانا في التخريف وبعدا عن العلم من الطوبيات التي قال «كارل ماركس» إنه جاء باشتراكيته العلمية ليدحضها ويمحوها.
فلا يكفي أن يصف «ماركس» مذهبه بالأوصاف التي تعجبه لتثبت هذه الأوصاف، ولا يكفي أن يملأ مذهبه بالأرقام والإحصاءات لتزول عنه صفة الطوبية وتلصق به صفة العلمية؛ لأن المعول في ذلك كله على الحصول من وعود المذهب وصوره المتخيلة، وليس في الطوبيات جميعا ما هو أشد إمعانا في التخريف والوعود الخيالية من هذه الاشتراكية المزركشة بالأرقام والإحصاءات المسماة بالعلمية أو الواقعية أو المادية، وما جرى مجراها من الأسماء. «فكارل ماركس» يعد المصدقين به مجتمعا عالميا واحدا من طبقة واحدة لا سيد فيها ولا مسود، ولا حاكم ولا محكوم، يأخذ فيه كل حقه بغير زيادة، ويعطي فيه كل حقوق الآخرين بغير بخس، وينتهي فيه طمع الطامع، وحيلة المحتال، وكسل الكسلان، كما ينتهي فيه حب الرئاسة والاستئثار، ونزاع المتنازعين على مراكز التصريف والتدبير، أو تزول فيه مراكز التصريف والتدبير ويجري التصريف بغير مصرف والتدبير بغير مدبر، فلا يخطر لأحد أنه أحق بهذه المراكز من أخيه، ويعم ذلك أقطار الأرض من مشرقها إلى مغربها، ومن شمالها إلى جنوبها، فيزرع الزارع بمقدار ما يلزم في الدنيا، وتنتظم المواصلات والمبادلات بينها بغير رقابة ولا إشراف ولا تقدير سابق ولا حاضر من الموكلين بالتقدير، وإذا خطر لإنسان أن يدع مسقط رأسه ليذهب حيث شاء ذهب حيث شاء، وإذا خطر لغيره أنه يستثقل عمله ويستبدل به عملا آخر تم هذا وذاك على ما يشاء حيث يشاء، وفيما بين ذلك ينقطع للعلم من هو أهل للعلم، وللفن من هو أهل للفن، وللاختراع من يقدر عليه، وللصناعة من يحسنها، رخاء سخاء كما يهب الهواء ويهطل المطر ويتسلسل الماء بلا قناطر ولا سدود ولا هندسة ولا بناء، ثم تطرد الأمور على هذا الحلم البديع إلى مدى يقصر عنه خيال الحالمين؛ لأنه لا يحسب بالعشرات أو المئات، بل يحسب بالملايين من السنين.
مثل هذا التخريف يخجل منه كل حالم في طوباه، ما لم يسبقه بتنبيه القارئين إلى قصة منام أو ما يشبه المنام من أوهام الأحلام.
إلا أن الاشتراكية العلمية تزعم أنها ترفض هذه الطوبيات وتزدريها، ولا تشغل الناس بأحلامها وأمانيها، فماذا وقع في ذهن الداعية إلى هذا المذهب حين تخيل أنه بعيد من الطوبيات، وهو غارق في لجتها لا يملك أن يرفع عينيه من فوقها؟
هنا - كما في كل موضع من مواضع البحث في هذه الخرافة - نفتش عن الظاهرة النفسية فتهدينا إلى السبب القريب، ولا ضرورة بعده لسبب قريب أو بعيد ، فما الذي جعل «ماركس» يباعد بين مذهبه وبين الطوبيات ووعود الطوبيين؟ الفظائع التي في الطريق.
إن الفظائع لا تلائم الطوبيات وأحلام الطوبيين، ومن كان يرسل الخيال ليتمنى أحسن الأماني فليست فظائع الفتك وسفك الدماء والوعيد بالخراب والنكال أمنية يتمناها ويرسل الخيال ليسعد بها ويسعد الناس برؤياها.
لا طوبى هنا ولا طوبيون، فماذا إذن غير الطوبى والطوبيين؟
الفظائع التي في الطريق.
Shafi da ba'a sani ba