Shuyuciyya Wa Insaniyya
الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام
Nau'ikan
أما الفريق الآخر ممن يناقشون النبوءات الماركسية أو النبوءات الأبدية مناقشة العلم المعقول، فهم أولئك الذين يضيعون العلم في سبيل السمعة العلمية، وهم أشباه الذين قيل فيهم إنهم يحكمون بالظلم ليشتهروا بالعدل، وإنهم ينصفون في تمحيص جميع الآراء ولا يتعسفون.
فإذا نظر الباحث في أقوال هؤلاء وهؤلاء علم أن الفريقين من العلم براء، وأن مذهب «كارل ماركس» إنما يبحث على أنه ظاهرة نفسية، ولا يبحث على أنه مبادئ علمية مع إنصاف العلم والعقل وإنصاف الواقع والعيان، بعد مائة سنة من ظهور المذهب، وبعد أربعين سنة من محاولة تطبيقه بكل ما يستطاع من المحاولات.
إن فهم جميع المذاهب يستلزم على الدوام فهم صاحب المذهب بلوازمه العقلية وبواعثه النفسية وخلائقه التي توحي إليه بالفكر والشعور، أو يستعان بها على أفكاره ودوافع شعوره.
وفهم «كارل ماركس» بصفة خاصة ألزم ما يكون لفهم مذهبه الذي سول له - في هذه السهولة - أن يهجم على دعوة لا تقنع بما دون هدم العالم الإنساني القائم، ولا تصغي إلى هوادة في الأمر تتقبل الإبقاء عليه بحال من الأحوال.
إن شهوة الهدم والتخريب هي التي توحي إلى صاحبها الثقة التامة العامة بتلك النبوءات الأبدية في غير هوادة ولا توسط ولا اعتدال، ولو كان الأمر على عكس ذلك وكانت الثقة العلمية هي التي توحي إلى صاحب المذهب أن يدعو إلى هدم كيان العالم لوجب أن تكون تلك الثقة قائمة على أركان من الحقائق لم يعهد لها نظير في تقريرات بني الإنسان، إذ لم يسبق لإنسان أن يدعو إلى مثل ذلك الهدم بكل ما في وسعه من لدد وإصرار.
ولو أن إنسانا أراد أن يهجم على هدم بلدة واحدة فوق أصحابها، لكان لزاما عليه أن يلتمس لهدمها أسبابا أقوى من جميع الأسباب التي سولت ل «كارل ماركس» هدم المجتمعات الإنسانية بكل ما فيها على كل من فيها من معارضيه ومخالفيه، وسولت له أن يستبيح من أجل هذه الدعوة سفك الدماء كالبحار، ومتابعة القتل والتخريب في قطر بعد قطر إلى جميع الأقطار.
وماذا لو كان في النبوءة خطأ يسير، وقد ظهر فيها الخطأ الكبير، بل ظهرت فيها الأخطاء الكبار؟ ألا يدعو ذلك إلى قليل من التردد وقليل من الهوادة في اللدد والإصرار؟ بلى، إنه ليدعو إلى التردد الكثير وإلى التحرج الكبير من عواقب ذلك التهجم على المجهول، لو لم تكن شهوة الهدم والعدوان هي مصدر الوحي الأثيم وعلة العلل في ذلك التفكير العقيم.
وهذا في الواقع هو معنى الثبوت العلمي في مذهب «كارل ماركس» إذا درسناه من وجهة الظواهر النفسية، ولم نضع الوقت عبثا في مناقشة النبوءات التي لا يقبلها العلم على وجه من الوجوه.
فكلمة «الثابت العلمي» مرادفة في مذهب «كارل ماركس» لكل ما هو لازم لإشباع شهوة التخريب والعدوان.
وكل شيء يعوق الدعوة إلى التخريب والعدوان، فهو عنده باطل ينكره العلم، وضلال تمليه الأحلام والأوهام.
Shafi da ba'a sani ba