Shuhada'ilimi Da Gurbata
ذكرى شهداء العلم والغربة
Nau'ikan
المرحوم إبراهيم أفندي السيد العبد من شبرا النملة.
إن مسئولية المؤرخ خطيرة الشأن عظيمة الأهمية، إذ يدعوه واجبه التاريخي دائما إلى البحث والتنقيب وراء الحقائق والتثبت منها لأنها دستور يقتفي أثره أبناء هذا العصر والأجيال المقبلة. وبما أننا قد تصدينا لوضع تواريخ شهداء العلم والغربة وبذلنا كل مجهودنا في الحصول على تراجمهم من أسرهم وأصدقائهم بطريق النشر في الصحف السيارة وبكافة الوسائل الأخرى، ولسوء الحظ بذلنا قصارى الجهد في الحصول على ترجمة المرحوم إبراهيم أفندي السيد العبد فلم نوفق لذلك، وقد أرسلنا خطابا في 15 يوليو سنة 1920 إلى حضرة سليمان بك العبد أحد أفراد هذه الأسرة الشهيرة بشبرا النملة، وأردفناه بخطاب ثان تاريخه 27 يونيو سنة 1920 وكذا خطاب ثالث في 14 سبتمبر سنة 1920، وأفهمناه ضرورة إرسال التفاصيل الخاصة بفقيدهم وبينا له أمرنا من هذا الكتاب دون أن نكلفه بدرهم ولا دينار؛ فأبى علينا الرد، وقد تسرب إلى ذهننا أن ابنه أكبر عامل على تخليد مآثر والده فبعثنا إليه بخطاب تاريخه 19 أغسطس سنة 1920، فلم يتكرم بالرد ولو على سبيل المجاملة في الأمور التحريرية؛ ولما رأينا أنه لا مندوحة من أن نذكر كلمة عن المرحوم إبراهيم أفندي العبد وإن كان ابنه وذوو قرابته أبوا علينا ذلك فنقول:
ولد المرحوم إبراهيم أفندي السيد العبد في بلدة شبرا النملة، ومات في حادثة القطار التي استشهد فيها مع طلبة العلم، وكان مرافقا لابنه عبد الحميد أفندي العبد لإدخاله إحدى كليات ألمانيا، وكان أشد تأثيرا على النفس أن المرحوم إبراهيم العبد قد حال القضاء بينه وبين ابنه، ولكن الأب استطاع وهو يجود بنفسه الأخير أن يخاطب ولده مشجعا ببضع كلمات شدت عزمه وفتحت له منفذا إلى الحياة، وقد ذهب إلى رحمة ربه موقنا بسلامة ولده فمات عن إحدى وخمسين سنة. أخبرنا بعض محدثينا عنه أنه من عائلة عريقة قضى عمره في الاشتغال بالأمور التجارية والزراعية بجد واجتهاد، وفي هذه السفرة الأبدية كان يرغب أن يجلب بضائع للتجارة حتى يسد حاجات مواطنيه، وكان نقي السيرة طاهر السريرة. رحمه الله وأسكنه جنة الخلد!
وقد عثرنا على هذا التلغراف منشورا في إحدى الجرائد وهو مهمل من الإمضاءات، وهذا نصه:
إلى رئيس لجنة الوفد المركزية: حسن عزائكم وعطف معالي الرئيس المحبوب وحضرات أعضاء الوفد خفف كثيرا من أحزاننا بوفاة المرحوم إبراهيم أفندي العبد. أبقاكم الله ذخرا للأوطان، وكلل جهادكم الشريف بالنصر والنجاح. (9-1) احتفال طنطا بجنازة المرحومين إبراهيم أفندي العبد ورمضان أفندي هداية
أصبح ظل الأحزان مخيما على مدينة طنطا، فالوجوه عابسة والدموع تترقرق في العيون والقلوب مكلومة والزفرات تتصاعد من صدور يمزقها الأسى بتلك الكارثة.
وقد رفعت الأعلام منكسة في كل مكان مجللة بالسواد، وكان الأهالي ينتظرون بالخشوع ساعة الاحتفال بتشييع جثتي المرحومين إبراهيم أفندي العبد ورمضان أفندي هداية، ففي منتصف الساعة الرابعة كان كل فريق من المشيعين في المكان الذي أعدته له لجنة الاحتفال.
وفي الساعة الرابعة أقبل سعادة مدير الغربية مندوبا من قبل مولانا عظمة السلطان، وبدأ سير الجنازة من المحطة على الترتيب الآتي: موسيقى الملجأ العباسي - قوة من البوليس البياة - فرقة الكشافة - موسيقى علي أفندي حسن - طلبة الجامع الأحمدي والمعهد العلمي - مدرسة المعلمين الأولية - طلبة المدارس الثانوية، فالمدارس الابتدائية، فمدرسة الفرير، فالاتحاد الإسرائيلي، فموسيقى حافظ أفندي يوسف، فمدرسة البنات، فحملة المباخر والزهور، فنعش الفقيدين ملفوفين بالأعلام المصرية يحملهما فريق من طلبة مدرسة طنطا الثانوية، ويتبعهما أهل الفقيدين، فالعلماء، فالرؤساء الروحانيون، فرئيس وأعضاء لجنة الوفد بطنطا، فالقضاة، فالمحامون والأطباء ونظار المدارس والمدرسون والمهندسون ورجال الصحف، فوفد من الإسكندرية، فالجاليات الأجنبية ومنها الجمعية الخيرية الإيطالية التي قدمت إكليلا من الزهور لوضعه على القبر، فموظفو الحكومة، فالأعيان، فرئيس وأعضاء الغرفة التجارية، فالتجار، فنقابات العمال على اختلافها. وسارت الجنازة من المحطة إلى شارع المديرية، فالبورصة، فالخان، فالسكة الجديدة، وهناك أقيمت صلاة الجنازة في الجامع الأحمدي. وبعدها انفصل فريق من المشيعين لمرافقة جثة المرحوم إبراهيم أفندي العبد إلى بلدته شبرا النملة، يتقدمهم عبد الحليم بك ناشد مندوبا من عظمة السلطان وحضرتا نجيب بك الغرابلي وأحمد بك الشيخ منتدبين عن لجنة الوفد المركزية.
ثم استمرت الجنازة من السكة الجديدة إلى شارع الصاغة فالجبانة حيث واروا جثة رمضان أفندي هداية التراب. وكان الموكب يسير بتمام النظام تحف به المهابة والإجلال، والمشيعون مطرقون احتراما لجلال الموقف الرهيب.
وقد أقيمت حفلة تأبين في منتصف الساعة التاسعة مساء 10 شعبان سنة 1838 بالجامع الأحمدي، حيث خطب الدكتور حسن بك كامل ونجيب بك الغرابلي وأحمد بك الشيخ وإبراهيم بك جلال القاضي ومحمد أفندي عبد الرازق والشيخ علي عبد الحليم من الإسكندرية وآخرون، وقد أثبتنا لحضراتهم في غير هذا المكان بعض مراثيهم. تغمد الله الشهداء بالرحمة والرضوان، وألهم الأمة المصرية الصبر والسلوان! (10) حياة المرحوم فريد فتحي رزق الله بقلم صديقه الحميم حبيب أفندي غبريال (10-1) حياته الدراسية
Shafi da ba'a sani ba