Shuhada'ilimi Da Gurbata
ذكرى شهداء العلم والغربة
Nau'ikan
لقد كان الاحتفال بجنازتك أنت وإخوانك الشهداء رهيبا، لبست فيه الأمة عليكم شعائر الحداد واشترك فيه رجالها والنساء، وشبابها والشيوخ، وكان دليلا ناطقا على حيويتها وتطلعها إلى الحياة الراقية. وإن مصرعكم لأكبر مشجع لإخوانكم على انتهاج طريقكم بعد أن رأوا ما رأوا من فرط عناية الأمة بواجبها حيال إحياء ذكرى شهدائها الذين تمزقت جسومهم وتحطمت أشلاؤهم في سبيل المجد الخالد والأمل البعيد، مجد الوطن الذي يحيا بأبنائه البررة المخلصين له الحب. نعم إن مصرعكم لأسطع برهان على رغبة المصري في الحياة العلمية الصحيحة وركوبه متن الأخطار لإحراز المجد والفخر.
لقد طير البرق نبأ مصرعكم إلى جميع أنحاء العالم المتحضر، فكان له في وطنكم رنة حزن مؤلمة اخترقت البلاد من أقصاها إلى أقصاها، كيف لا ومصابكم مصاب أليم ورزؤكم رزء جسيم؟ ولكن الذي خفف أحزاننا وآلامنا هو ذلك الأثر الخالد الذي خلفتموه بعدكم وسمع عنه العالم أجمع، ألا وهو استشهادكم غرباء في سبيل العلم، ولولا ذلك لنال منا الأسى كل منال.
فيا أيها الشهداء الراحلون في مثل أعمار المنى، إذا اجتمعتم في روضة من رياض الجنة أو تلاقيتم تحت ظلال شجرة من أشجارها ادعوا لنا ربكم يمدنا بروح من عنده في سبيل إنجاح قضيتنا ويهيئ لنا من أمرنا رشدا.
لقد اختارك الله يا رمضان لجواره وقدر لك أن تموت شهيدا، فتركت دار الفناء دار اللؤم والخسة والدناءة، وتركتنا على أسوأ ما يترك الصديق، وما هي إلا قلوبنا يضنيها الحزن ويقلقها الأسى.
في ذمة الله روحك الطاهرة، وفي جوار إخوانك الذين أنعم الله عليهم من الصديقين والشهداء والصالحين، هنالك تنعم بالجنة التي أعدها الله لعباده المتقين.
سلام عليك في الشهداء، سلام عليك في البررة الأتقياء، وسلام عليك يوم ولدت ويوم مت ويوم تبعث حيا.
حضرة الفاضل المحترم مدير تحرير الكنز الثمين لعظماء المصريين
تحية وسلاما، وبعد: فأرسل لحضرتكم طيه الكلمة التي كتبتها بمناسبة وفاة صديقي المرحوم «محمد رمضان هداية» في حادثة أودين؛ رجاء نشرها في تاريخ حياة شهداء العلم والوطن.
وإني أشكركم كل الشكر على تلك الهمة الشماء التي بذلتموها في إصدار الكنز الثمين الذي ملأ فراغا مهما في عالم الأدب أهمله الكتاب وراءهم ظهريا مع أنه من دواعي تقدم الأمم ونهوضها، لأنه المسبب لازدياد عدد عظمائها وكبار رجالاتها.
ولقد كتبت منذ حين كلمة على صفحات السفور أستنهض فيها همم الكتاب للقيام بإنشاء لجنة خصيصة للقيام بعمل تراجم لعظماء مصر، وبينت لهم أهمية هذا العمل الذي أغفله الكثيرون مستعينا على ذلك بقلمي الضعيف الذي لا أملك سواه، فما تحرك ساكنهم. واليوم وقد وجدت فردا من أفراد الشعب المصري الراقي يقوم وحده بهذا العمل الجليل خير قيام على ما فيه من المصاعب فحق علي أن أبذل ما في وسعي للإشادة بعمله، والتنويه بفضله، وتعداد مآثره وتنبيه الأذهان إلى أهمية حياة العظماء التي هي السراج المنير الذي يهدي الناس في ظلمات الحياة. إنك بعملك هذا العظيم قد حققت أملا من آمالي طالما تاقت نفسي إلى تحقيقه. إن شدة إعجابي بعملكم وبقلمكم الذي ينطق عن علم غزير وفكر ثاقب وأناة وروية، هذا فضلا عن الأسلوب الرائع الذي تكتبون به؛ ليدعوني إلى أن أفخر بكم، وأرجو لكم مستقبلا سعيدا ونجاحا عظيما في عملكم بفضل معونة مصر الناهضة التواقة إلى المجد المتطلعة إلى الحياة الراقية. وقد كان بودي أن أحضر لأراكم شخصيا وأقدم لكم خالص شكري وسروري من عملكم، ولكن بما أني مشغول الآن فقد فضلت أن أرسل لكم كتابي بما أن الحظ لم يسعدني بوصول ركابي إليكم. وسأحضر إليكم إن شاء الله في أوائل يوليو سنة 1920 لأنتهز فرصة اشتراكي في الكنز الثمين ولأقدم لحضرتكم من المساعدات الأدبية ما يكون في مقدور شخصي الضعيف. والسلام عليكم ورحمة الله.
Shafi da ba'a sani ba