شرح المطلع على متن إيساغوجي
شرح المطلع على متن إيساغوجي
Nau'ikan
(باللسان) المراد به الحمد هنا حمد المخلوق، وإذا كان كذلك فالثناء إنما يكون باللسان، واللسان هو آلة النطق المعهودة.
إذا كان الثناء لا يكون إلا باللسان حينئذٍ يكون قوله: (باللسان) هذا قيدٌ لبيان الواقع. يعني: كالصفة الكاشفة.
الصفة الكاشفة التي يؤتى بها لتأكيد المعنى فقط، أو لتوضيح المعنى لا للاحتراز، فإذا لم يكن إلا زيدٌ العالم، إذا قلت: جاء زيدٌ العالم. ليس احترازًا ليس عندنا زيد آخر ليس بعالم، فحينئذٍ صارت للكشف والإيضاح ليس للاحتراز.
لكن لو عندنا زيد عالم وزيود جهلاء، وقلت: جاء زيدٌ العالم. صارت للاحتراز.
إذًا: زيدٌ العالم لا غيرَه، زيدٌ الجاهل لم يأتِ.
«يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ» [البقرة:٢١] «الَّذِي» نعت «رَبَّكُمُ» هذه صفة كاشفة.
لو قلت: للاحتراز. جاءت مصيبة.
«رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ» إذًا: ربَّك الذي لم يخلقك لا تعبده، يكون فيه إثباتٍ لربٍ ليس بخالق! لا ليس هذا المراد، وإنما المراد به للكشف فقط والإيضاح والتأكيد.
إذًا: باللسان يكون للتوكيد .. يكون لبيان الواقع.
(الثناء باللسان على الجميل الاختياري) على هنا للتعليل، وعلى تأتي للتعليل كاللام أي: لأجل فعل الجميل. "فعلى" بمعنى لام التعليل.
وقوله: (على الجميل الاختياري) أي: حقيقة.
قال العطّار: أي حقيقة كأفعالنا الصادرة عنَّا، وأفعالِه تعالى الصادرةِ عنه.
(أو حُكمًا كحمده تعالى على صفاته الذاتية، فإنها كانت منشأ أفعالٍ اختيارية نُزِّلت مُنزلتها) هذا جئنا في المحذور.
أنه جَعلَ حمد الباري جل وعلا يعني: حمد المخلوق للباري. جعله منصبًّا ابتداءً حقيقة على الصفات المتعدية، وأما الصفات غير المتعدية فهذه لأنها منشأ للصفات المتعدية، حينئذٍ صار حمدُها تبعًا لا أصالة، ولذلك يقول: (أو حكمًا) يعني: لا حقيقة.
(كحمده تعالى على صفاته الذاتية، فإنها) تعليل (كانت منشأ أفعالٍ اختيارية نُزّلت منزلتها) والأفعال الاختيارية يقصد بها هنا المتعدية كالإنعام ونحوه.
(على الجميل الاختياري) احترز به عن الجميل الاضطراري كالجمال، فإذا أثنيت على زيدٍ بكونه جميلًا أو طويل القامة أو نحو ذلك، هذا لا يسمى حمدًا وإنما يسمى مدحًا؛ لأنه ليس له فِعلٌ فيه.
الذي يُثنى ويُنسب للعبد هو الفعل الاختياري له الذي فعَله وصنَعه هو الذي يُثنى عليه، وأما الشيء الذي يكون بفعل غيرِه كفعل الباري جل وعلا بأنْ خلقَه جميلًا مثلًا أو طويلًا، أو كان طوله محمودًا فحينئذٍ إذا أثنى عليه بذلك يسمى مدحًا لا حمدًا.
إذًا: (الاختياري) احترازًا عن الاضطراري والقهري.
(على جهة التبجيل والتعظيم) والتعظيم هذا عطف تفسير، لأن التبجيل هو عينُه التعظيم يعني: نفسّره به، ما معنى التبجيل؟ هو التعظيم.
قال: (على جهة التبجيل والتعظيم).
هذا القيد قوله: (على جهة التبجيل) ليس مِن ماهيِّة الحمد. يعني: ليس داخلًا في الماهيّة، بل شرطٌ إما لتحقُّقه أو للاعتداد به .. إما ليتحقق وإما ليُعتدَّ به.
والجار والمجرور حال من الثناء أي: حالة كون ذلك الثناء واقعًا على جهة التبجيل، وعلى للاستعلاء المجازي.
2 / 7