17

شرح المطلع على متن إيساغوجي

شرح المطلع على متن إيساغوجي

Nau'ikan

أما إذا أراد أن يناقش وأن يُنكر على غيره فحينئذٍ لا بد أن يكون أولًا يفهم هذا العلم أو يفهم هذه المسألة أو هذا الباب على الوجه الذي ينبغي، ليس سطحيًا هكذا يأخذ كتاب معاصر ويقرأ، ثم يقول: لا مجاز، أو لا يُدرس المنطق ونحوه. الشوكاني رحمه الله تعالى يقول (لعله وجد شيئًا من ذلك) يقول: وإني لأعجب من رجل يدعي الإنصاف والمحبة للعلم، ويجري على لسانه الطعن في علمٍ من العلوم لا يدري به ولا يعرفه ولا يعرف موضوعه ولا غايته ولا فائدته، ولا يتصوره بوجهٍ من الوجوه. يعني: لا يدري عنه شيء البتة، هذا طيب إذا عرف أن ثم علمًا، ولعله عرف باسمه فقط، وأنكره البعض فأخذ يُنكر معهم. فحينئذٍ يقول رحمه الله تعالى: وقد رأينا كثيرًا ممن عاصرنا ورأيناه يشتغل بالعلم وينصف في مسائل الشرع ويقتدي بالدليل. يعني: في المسائل الشرعية حلال وحرام يأتي بالدليل لا إشكال فيه، وهذا موجودٌ حتى في عصرنا، يعني: هذه سلسلة (علمٌ متوارث) يأتي في مسائل الفقه فإذا به يقف بين مالكٍ والشافعي ويطالب بالدليل، بل يقف بين الصحابة، بين أبي بكرٍ وعمر ويطالب بالدليل. وهذا حسن إذا كان على وجه الإنصاف ومعرفة الأدلة والأصول، ومع الأدب والاحترام والتقدير. نقول: هذا لا إشكال فيه. لكن إذا جاءت في بعض المسائل وخاصة في إنكار العلوم فإذا به يدندن حول ما يدندنه غيره ممن ينكر الفن، فيرى هنا الشوكاني رحمه الله تعالى أن بعض أهل العلم ممن له مكانة ويُنصف في المسائل الشرعية، إذا أراد أن يتكلم فإذا به يطالب بالدليل على وجهه، إذا جاء في بعض العلوم أنكرها على وجه العموم فلا ينظر فيها. يقول هنا: وقد رأينا كثيرًا ممن عاصرنا ورأيناه يشتغل بالعلم وينصف في مسائل الشرع ويقتدي به بالدليل. فإذا سمع مسألة من فنٍ من الفنون التي لا يعرفها كعلم المنطق والكلام والهيئة ونحو ذلك نفر منه طبعُه. لأنه ما يعرفه، جاهل أول ما يسمع شيئًا يجهلُه تنفر منه طبعُه. ونفَّر عنه غيره وهو لا يدري ما تلك المسألة ولا يعقلها قط، ولا يفهم شيئا منها. فما أحق من كان هكذا بالسكوت، والاعتراف بالقصور، والوقوف حيث أوقفه الله تعالى، والتمسك في الجواب إذا سُئل عن ذلك بقوله: لا أدري. هل أدرسُ المنطق أو لا -وأنت ما درستَ-؟ تقول: لا أدري. إن كنت مقلدًا قل: قال فلان، وانقل قوله ولا إشكال فيه، تكون ناقلًا للعلم، وناقل العلم ليس من أهل العلم. ولذلك نقل ابن عبد البر رحمه الله تعالى الإجماع على أن المقلِّد ليس من أهل العلم؛ لأنه إما عامّي وهذا قطعًا، وإما أنه متشبه بأهل العلم يعني: درس وتعلم إلى آخره، لكنه رأى أنه يجب تقليد إمام من الأئمة. هذا ليس من أهل العلم ولا يُعتد به لا بخلافه ولا بوجوده. وحينئذٍ نقول: هذا يُعتبر من العوام. قال هنا: والتمسك في الجواب إذا سُئل عن ذلك بقوله: لا أدري. وإن كان ناقلًا نقل عن غيره، ولا يجعلها مسألة. يعني: يكون عليها ولاء وبراء، إما أن توافق وإما .. إلى آخره. قال: فإن كان ولا بد متكلمًا ومادحًا أو قادحًا فلا يكون متكلمًا بالجهل وعائبًا لما لا يفهمه، بل يُقدِّم بين يدي ذلك الاشتغال بذلك الفن حتى يعرفه حق المعرفة ثم يقول بعد ذلك ما شاء.

1 / 16