141

شرح المطلع على متن إيساغوجي

شرح المطلع على متن إيساغوجي

Nau'ikan

ولذلك ضابطه كما قال: (بحيث يصح حمله على كل فردٍ من أفراده) قلنا: لا بد من تقييده: مواطئة؛ بحيث يصح حملُه حملَ مواطئةٍ على كل فردٍ من أفراده.
كيف نحمله حمل مواطئة؟
بأن نقول: زيدٌ إنسان، عمروٌ إنسان هذا تواطؤ.
(بحيث يصح حمله على كل فردٍ من أفراده) يعني: يُخبَر به، حمل مواطئة يعني: مباشرة بلا واسطةِ اشتقاقٍ ولا إضافة، فنقول: زيدٌ إنسان، عمروٌ إنسان، بكرٌ إنسان، هندٌ إنسان، فاطمةٌ إنسان .. إلى ما لا نهاية.
إذًا: له –الكلِّي- معنى وهو ما لا يمنع تعقُّل مدلوله من وقوع الشرِكة فيه. يعني: إذا تعقّله العقل وفهمه المتأمل والناظر، حينئذٍ مدلولُه ومعناه ومفهومُه لا يمنع العقل بأن يشترك فيه اثنان فأكثر .. ليس المراد ملايين، اثنان فأكثر، فيصدق حينئذٍ نقول: هذا كُلّي.
إنسان معناه حيوانٌ ناطق، فيشترك فيه زيد وعمرو .. إلى آخره، نقول: هذا كُلّي؛ لأن العقل لا يمنع أن تقع الشرِكة في هذا المفهوم، لا يختص به زيد دون عمرو، فلا يقول -رجل مثلًا-: زيدٌ رجلٌ، وعمروٌ رجلٌ، وخالدٌ رجلٌ. فلا يقول: أنا رجل فقط وغيري لا، نقول: لا. هذا معنى مشترك، فيستوي في أفراده.
ولذلك قال هنا: (بحيث يصح حمله على كل فردٍ من أفراده).
قال العطار: (فيه تنبيه على أن جميع الكُلِّيّات متساويةٌ باعتبار نفس التصور، حتى أنه ما من كُلّيٍ إلا وهو صادق على أفراد متكاثرة بهذا الاعتبار، وإن لم تكن موجودة، بل وإن استحال وجودُها).
إذًا: هذا قدرٌ مشترك بين سائر الكُلِّيّات.
ضابطُه من حيث العمل، من حيث الألفاظ والتراكيب تقول: صحةُ حملِه حملَ مواطئةٍ على أفراده، وحمل المواطئة المراد به أن لا يكون ثَم اشتقاق ولا إضافة.
حمل مواطئةٍ ..
عِلْم هذا كلي أم جزئي؟
هذا له أفراد، مفهومه إذا تعَقَّلَه مُتعقِّل لا يمنع الشرِكة فيه فيدخل تحته أي عِلم، سواءٌ علمًا دينيًا أو دنيويًا.
هذا من حيث العِلم والفن، حينئذٍ يكون كليًا، من حيث المعنى عرفنا أنه لا يَمنع، من حيث المثال وحملُه حملَ مواطئة تقول: الفقه عِلمٌ والتفسير عِلمٌ والطب علمٌ والهندسةُ عِلمٌ .. وهكذا ..
حملُه على الأشخاص: مالكٌ ذو علمٍ أو عالمٌ، إذًا: العِلم فيه تفصيل، لماذا؟ لأنه إذا حُمل على الأشخاص لا يُحمَل مباشرة، ولا بد من تحويله إما أن يُشتَق من المصدر اسم فاعل، وإما أن يضاف إلى "ذو" نقول: مالكٌ ذو علمٍ وأحمد ذو علم، سفيان ذو علمٍ .. إلى آخره، أو تقول: عالمٌ عالمٌ عالمٌ.
حينئذٍ توصلنا إلى كونه محمولًا على الأشخاص بواسطة لا بنفسه عِلم، هذا يسمى جزئيًا، يعني: باعتبار الأشخاص هو جزئي، وباعتبار الفنون هو كُلّي.
قال: (كالإنسان).
(وَهُوَ الَّذِي لاَ يَمْنَعْ نَفْسُ تَصَوُّرِ مَفْهُومِهِ مِنْ وَقَوعِ الشَّركَةِ فِيهِ) (كالإنسان).
ثم قلنا: ينقسم الكلِّي باعتبار وجود أفراده في الخارج، وعدمِ وجودِها إلى ثلاثة أنواع:
والتقسيم الثلاثي هذا باعتبار المتقدمين: ما وُجد له أفراد، وما وُجد له فرد، وما لم يوجد له فرد.
ما وُجد له أفراد متعددة، ما وُجد له فردٌ واحد، ما لم يوجد له فردٌ البتة.

6 / 5