يستعمل في مفردات الألفاظ، والتأويل أكثر ما يستعمل في الجمل، اهـ.
قلت: من استعماله في الرؤيا قول عاتكة بنت عبد المطلب بعد وقعة بدر لما ظهر مصداق رؤياها التي رأتها قبل الوقعة وهي أن رجلًا دخل المسجد فَنَادى: يا آل غُدَر، قوموا إلى مصارعكم في ثلاث، فكذّبوها حتى قال أبو جهل: "يا بني هاشم أما رضيتم أن تتنبأ رجالكم حتى تتنبأ نساؤكم، ثم قال: ها نحن سنتربص بكم ثلاثًا فإن كان ما قالت حقًا فسيكون وإلا كتبنا عليكم أنكم أكذب أهل بيتٍ في العرب" فقالت:
ألمّا تكن رؤياي حقًا ويأتكم ... [بتأويلها] فَل من القوم هارب
وقال الله تقدست أسماؤه حكايته عن يوسف ﵇: ﴿هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ﴾.
وعند الأصوليين التأويل: صرف اللفظ عن المعنى المتبادر منه الذي يسمونه الظاهر إلى معنى مرجوح، وينقسم عندهم إلى مقبول، ومردود، وتلاعب. فالمقبول ما كان الصارف فيه صحيحًا، والمردود: ما كان في ظن المستدل صحيحًا، وهو في نفس الأمر فاسد، والتلاعب: ما كان لغير دليل.
قوله ﷿: من العزة وهي القوة، والشدة، والرفعة، والغلبة وَعَزّهُ غلبه، ومنه قوله سبحانه: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾. وقوله: ﴿فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾ وقولهم في المثل: من عَزّ بزّ، أي من غلب سلب. وقول الخنساء تنعي إخوتها:
كأن لم يكونوا حمىً يتقى ... إذ الناس إذ ذاك من عزَّ بزّا
أي من غلب سلب، وقول جرير في عبد الملك بن مروان:
يعُزُّ على الطريق بمنكبيه ... كما ابترك الخليع على القداح
أي يغلب عليها، ومنه قوله تعالى: ﴿وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ﴾ أي غلبني والهاء في قول المصنف: "قوله" ترجع إلى الله تعالى، ولم يتقدم ذكر لفظ الجلالة لأنه في قلب كل إنسان حاضر، فهو بمثابة المذكور، فهو كقوله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ مع أن الضمير قد يعود إلى غير مذكور كما قال تعالى: ﴿حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ﴾.
وقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾. هذا صدر آية التيمم وتمامها ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ