أحدها: أن الوضوء يستحب فعله قبل الاغتسال من الجنابة، ويجب بعد الاغتسال على من أراد الصلاة، ولا ينعقد عنده الوضوء الواجب مع بقاء الجنابة، وهذا هو قول الهادي إلى الحق عليه السلام، واحتجوا لصحة قوله بخبر وهو ما روي عن علي عليه السلام أنه قال: من اغتسل من جنابة ثم حضرته صلاة فليتوضأ، وكان يتوضأ بعد الغسل.
(خبر) وروي في (الأحكام) عن أبيه، عن جده أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعاد وضوءه بعد اغتساله من الجنابة، قالوا: فدل على أن الوضوء واجب بعد الاغتسال، وأنه لا يجزئ قبله، ولقائل أن يقول: إن فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يدل على الوجوب ما لم يعرف الوجه الذي وقع عليه، وأنه يدل على وجوبه، وإنما فعله يدل على أن الوضوء جائز بعد الاغتسال لا غير.
وثانيها: أن الوضوء يجب قبل الاغتسال وهو قول الناصر للحق عليه السلام، واحتجوا بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم اغتسل من جنابة فلما فرغ واللمعة من جسده جافة لم يمسها الماء فعصر عليها من بقية الماء الذي غسل به شعر رأسه وصلى ولم يحدث وضوءا مع قوله عليه السلام: (( تحت كل شعرة جنابة)) الخبر، قالوا: فدل على وجوب تقديم الوضوء الواجب قبل الاغتسال، ولقائل أن يقول: إن خبر اللمعة يدل على انعقاد الوضوء مع بقاء الجنابة ولا يدل على وجوب تقديم الوضوء، ويدل أيضا على أن الجسد كله بمنزلة العضو الواحد في باب الاغتسال فلا يكون الماء مستعملا من بعضه في بعض، كغسل العضو الواحد في الوضوء فإن الماء لا يكون مستعملا من بعضه في بعض، أو يقال بأنه يجوز الوضوء بالماء المستعمل؛ لأنه عصر شعر رأسه فغسل بما خرج من مائه تلك اللمعة التي رآها.
Shafi 56