لها البتة بل (1) معدومة. فإذا قيل لها إنها غير متناهية ، فليس على أن (2) لها كم حاصلا غير متناه ، بل على أن أى عدد للحركات توهمناه (3) وجدنا قبله عدة (4) كانت ، وإذا هى معدومة فلا يخلو إما أن يجوز أن يقال فى المعدومات إنها أكثر وأقل (5) ومتناهية وغير متناهية ، أو لا يجوز. فإن لم يجز فقد زال الاعتراض ، وإن جوز فسيجوز (6) ضرورة أن المعدومات بلا نهاية معا وأن بعضها أقل من بعض ، كالمعدومات فى المستقبل التي هى كسوفات القمر ، فإنها أقل من دورات القمر ، وعودات عدة أفلاك منها أقل من عودات فلك (7) واحد. والتي (8) من زمان الطوفان أكثر من التي من (9) زماننا ، ومع ذلك فهى غير متناهية. وهاهنا قوم يرون (10) للمعدومات (11) ذواتا حاصلة ، متميزة (12) بعضها عن بعض والصنف الواحد منها كالسواد والبياض غير متناهى العدد. وإن لم نقل فى هذه المعدومات التي فى المستقبل إن كل واحد منها كذا ، بسبب أنها معدومة ، فلا يقال فى المعدومات التي فى الماضى : إن كل واحد منها كذا وإن قيل فى المستقبل (13): كل واحد (14) ولم يوجب كلا ولا جملة (15) فكذلك لنقل فى الماضى ، ولا يوجب جملة. وبالحرى أن لا يقال : جملة مستقبلة ، ولا جملة ماضية ، فإن الجملة لا وجود لها البتة لا فيما مضى ولا فيما يستقبل ولا هى أكثر ولا هى أقل ، ولا هى متناهية ولا غير (16) متناهية ، لا التي (17) (18) بمعنى السلب ، بل بمعنى كم ليس له نهاية. نعم الجملة الماضية والمستقبلة غير متناهية بمعنى السلب المطلق ، كما يسلب عما لا وجود له البتة ، وكما يسلب الوجود.
ولا عذر يقبل لمعتذر يقول : إن الماضى دخل فى الوجود فلذلك يستحيل أن لا يتناهى والمستقبل لم يدخل فإنه لا يسلم له أن الماضى دخل فى الوجود ، بل كل واحد من الماضى قد دخل فى الوجود ، وليس الحكم على كل واحد حكما على كلية الماضى. كما أنه قد يسلم فيه أن كل واحد من المستقبل يجوز أن يدخل فى الوجود ، وليس الحكم على كل واحد (19) حكما على (20) كلية تكون (21) للمستقبل حتى تكون كلية المستقبل تدخل فى الوجود ، ويكون له كلية البتة ، بل (22) والمتناهيات التي (23) دخل فى الوجود كل واحد منها أو يدخل على أن الثاني يعقب عدم الأول لا يوجد (24) لها جملة ، لأن الجملة يفهم منها الاجتماع ، وهذه لم يجتمع فى الوجود البتة (25)، وإن كان كل واحد موجودا بانفراده
Shafi 237