يلزمه ذلك الاستعداد. وكما أن العاد مثلا إذا أوجد بالتعديد أو يعمل (1) آخر عشرة (2)، فليس هو الذي يجعله زوجا ، بل يوجده ويلزم وجوده أن يكون هو زوجا. وأما (3) الحركة من حيث هى قطع ، فإنها (4) كما يعرض لها أن لا تتناهى فى القسمة ، كذلك يعرض لها أن لا تتناهى فى التضعيف والزيادة ، وإذ خاصية التناهى وعدم التناهى ليس إنما تلحق الحركة بسبب كمية لذاتها فتلحقها بسبب كمية أخرى ، وليس تلحقها بسبب كمية المسافة ، إذ المسافة متناهية ، فتلحقها إذن بسبب الكمية الأخرى التي هو الزمان.
فالحركة علة لوجود الزمان ، والزمان علة لكون الحركة متناهية المقدار أو غير متناهية ، والمحرك علة لوجود الحركة (5)، فهو علة أولى لوجود الزمان ، وعلته لثبات (6) الحركة التي هى كمال أول ، فيتبع ثباته (7) ازدياد امتداد (8) كميتة (9) التي هى الزمان ، وليس علة بوجه (10) الكون الزمان مستعدا لأن يمتد إلى ما لا نهاية (11)، وعلة لكون الزمان ممتدا بلا نهاية (12) حتى تصير الحركة بلا نهاية ، فإن ذلك للزمان لذاته ، كما كان فى الانقسام أيضا. لكن وجود هذا المعنى بالفعل للزمان ، فهو بسبب المحرك بوساطة الحركة ، كما كان وجود الانقسام له بالفعل بسبب شيء من خارج قاسم فالحركة سبب لوجود هذا العارض للزمان ، والزمان سبب لوجود هذا العارض للحركة ، لكن هذا بوجه وذلك بوجه. أما الحركة فهى علة بعد العلة المحركة لوجود هذا العارض للزمان بالحقيقة ، إذا (13) كان المحرك لا يقطع الحركة ، بل يصلها. وأما الزمان فهو علة لكون الحركة ذات (14) مقدار غير متناه ، فالزمان علة لتقدر (15) الحركة ، فإذا عرض له أن لا يتناهى عروضا أوليا بإيجاب (16) الحركة ذلك (17) وايجاده الزمان على ذلك ، عرض بوساطته أن قيل على الحركة ليس عروضا أوليا ، بل لأجل أن عارضه الذي هو الزمان كذلك ، فالحركة جعلت نفسها بالعرض كذلك ، أى (18) جعلت عارضها كذلك ، ولأجل العارض يقال (19) لها ذلك ، وذلك مما يكون كثيرا ، فإن كثيرا من الأشياء يوجد أمرا لذلك الأمر صفة أولية ، ويكون له من جهة ذلك تلك الصفة صفة ثانية ، وبالقصد الثاني ، وليست أولية ، فهذا (20) ما نقوله فى تحقيق كيفية وجود غير (21) المتناهى.
فأما (22) الحجج المقولة فى إثباته فما قيل فيها من أمر التضعيف وأمر القسمة وأمر الكون والفساد والزمان وغير
Shafi 222