فصل في المضاف
وأما القول في المضاف، وبيان أنه كيف يجب أن تتحقق ماهية المضاف والإضافة وحدهما، فالذي قدمناه في المنطق كاف لمن فهمه. وأما أنه إذا فرض للإضافة وجود كان عرضا، فلذلك أمر لا شك فيه، إذ كان أمرا لا يعقل بذاته، إنما يعقل دائما لشيء إلى شيء، فإنه لا إضافة إلا وهي عارضة. أول عروضها للجوهر مثل: الأب والابن، أو للكم فمنه ما هو مختلف في الطرفين، ومنه ما هو متفق بالمختلف مثل: الضعف والنصف، والمتفق مثل: المساوي والمساوي والموازي والموازي والموازي والمطابق والمطابق والمماس والمماس. ومن المختلف ما اختلافه محدود ومحقق كالنصف والضعف، ومنه ما هو غير محقق إلا أنه مبني على محقق كالكثير الأضعاف والكل والجزء، ومنه ما ليس بمحقق بوجه مثل الزائد والناقص والبعض والجملة. وكذلك إذا وقع مضاف في مضاف كالأزيد والأنقص فإن الأزيد إنما هو زائد بالقياس إلى زائد أيضا مقيس إلى ناقص. ومن المضاف ما هو في الكيف فمنه متفق كالمشابهة، ومنه مختلف كالسريع والبطيء في الحركة، والثقيل والخفيف في الأوزان، والحاد والثقيل في الأصوات وكذلك قد تقع فيها كلها إضافة في إضافة، وفي الاين كالأعلى والأسفل، وفي المتى كالمتقدم والمتأخر، وعلى هذه الصفات، وتكاد تكون المضافات منحصرة في أقسام المعادلة، والتي بالزيادة والنقصان، والتي بالفعل والإنفعال ومصدرها من القوة، والتي بالمحاكاة. فإما التي بالزيادة فإما من الكم كما تعلم، وإما في القوة مثل الغالب والقاهر والمانع وغير ذلك. والتي بالفعل والإنفعال كالأب والابن والقاطع والمنقطع وما أشبه ذلك، والتي بالمحاكاة فكالعلم والمعلوم والحس والمحسوس، فإن بينهما محاكاة، فإن العلم يحاكي هيئة المعلوم، والحس يحاكي هيئة المحسوس، على أن هذا لا يضبط تقديره وتحديده. لكن المضافات قد تنحصر من جهة، فقد يكون المضافان شيئين لا يحتاجان إلى شيء آخر من الأشياء التي لها استقرار في المضاف حتى تعرض لأجله لهما إضافة، مثل المتيامن والمتياسر، فليس في المتيامن كيفية أو أمر من الأمور مستقر صار به مضافا بالتيامن إلا نفس المتيامن. وربما احتيج إلى أن يكون في كل واحد من الأمرين شيء حتى يصير به منقاسا إلى الآخر، مثل العاشق والمعشوق. فإن العاشق هيئة أدراكية هي مبدأ الإضافة، وفي المعشوق هيئة مدركة هي التي جعلته معشوقا لعاشقه.
Shafi 77