الذي هو المقدار. فتكون تلك المياه الكثيرة بالعدد واحدة بالنوع وواحدة أيضا بالموضوع، لأن من طبع موضوعها أن تتحد بالفعل واحدا بالعدد. ولا كذلك أشخاص الناس، فإنها ليس من شأن عدة موضوعات منها أن يتحد موضوع إنسان واحد نعم كل واحد منهما واحد بموضوعه الواحد، ولكن ليس المجتمع من الكثرة واحدا بالموضوع، وليس حاله حال كل قطعة من الماء، فإنها واحدة في نفسها بموضوعها. والجملة يقال إنها واحدة في الموضوع، إذ من شأن موضوعاتها أن تتحد موضوعا واحدا بالإتصال، فيكون جملتها حينئذ ماء واحدا. لكن كل واحد من هذين القسمين إما أن يكون حاصلا فيه جميع ما يمكن أن يكون له أو لا يكون، فإن كان فهو تام وواحد بالتمام، وإن لم يكن فهو كثير، ومن عادة الناس أن يجعلوا الكثير غير الواحد. وهذه الوحدة التمامية إما أن تكون بالفرض والوهم والوضع كدرهم تام ودينار تام، وإما أن تكون بالحقيقة. وذلك إما بالصناعة كالبيت التام، فإن البيت الناقص لا يقال له بيت واحد. وإما بالطبيعة كشخص إنسان واحد تام الأعضاء. ولأن الخط المستقيم قد يقبل زيادة في استقامته ليس موجودة له، فليس بواحد من جهة التمام. وأما المستدير فإذ ليس يقبلها، بل حصلت له بالطبع الإحاطة بالمركز من كل جهة، فهو تام وواحد بالتمام، ويشبه أن يكون أيضا كل شخص من الناس واحدا من هذه الجهة، فيكون بعض الأشياء يلزمه التمام كالأشخاص والخط المستدير، وبعضها لا يلزمه التمام كالماء والخط المستقيم. وأما الواحد بالمساواة فهو بمناسبة ما، مثل أن حال السفن عند الربان وحال المدينة عند الملك واحدة، فإن هاتين حالتان متفقتان، وليس وحدتهما بالعرض، بل وحدة ما يتحد بهما بالعرض، أعني وحدة السفينة والمدينة بهما هي وحدة بالعرض. وأما وحدة الحالتين فليست الوحدة التي جعلناها وحدة بالعرض. فتقول من رأس: إنه إذا كانت الوحدة إما أن تقال على أشياء كثيرة بالعدد، أو تقال على شيء واحد بالعدد، وقد بينا أنا حصرنا أقسام الواحد بالعدد. فلنمل إلى الحيثية الأخرى، فنقول: وأما الأشياء الكثيرة بالعدد فإنما يقال لها من جهة أخرى واحدة لإتفاق بينها في معنى. فإما أن يكون اتفاقها في نسبة أو محمول غير النسبة، وأما في موضوع. والمحمول إما جنس، وإما نوع، وإما فصل، وإما عرض، فيكون سهلا عليك من هذا الموضوع أن
Shafi 51