عنه لم يكن إلا ميل مطلق يوجد ذلك للحادة وللقائمة والمنفرجة. فإن خطوطها أيضا فيها ميل لبعضها إلى بعض، فإنك إذا اعتبرت اتصال خطين على الإستقامة لوجدت المنفرجة وفيها ميل لأحد الخطين إلى الآخر. لكن هذا الميل هو ميل مطلق يقتضيه انفراج خطي كل زاوية، فيجب ضرورة أن يكون هذا الميل حدودا عن شيء. ولما كان ذلك الشيء يجب أن يكون بعدا خطيا، ولم يمكن أن تتوهم خطوط يميل عنها هذا الخط إلا الخط المتصل على الإستقامة بالخط الثاني، والذي يفعل زاوية منفرجة أو الذي يفعل زاوية قائمة أو الذي يفعل زاوية حادة. فأما الخط الغير متصل بهذا الخ فإنه لا يحدد به شيء، وكان اعتبار الميل من الخط المستقيم مطلقا غير صحيح في هذا الباب، وإلا المنفرجة والقائمة أيضا حادة. وكذلك اعتبار الميل عن الخط الفاعل للمنفرجة، لأن الميل عن الانفراج قد يحفظ الانفراج، إذ تكون منفرجة أصغر من منفرجة. وكذلك حكم الحادة هذه مع أن الحادة لا يمكن أن تعرف بالحادة فيكون تعريف مجهول بمجهول. فبقي ضرورة أن يكون تعريفها بالقائمة، التي ليس يبقى قوامها مع الميل عنها محفوظا. فكأنه يقول: إن الحادة هي التي عن خطين قام أحدهما على الآخر، ومال أقرب من خط قائمة لو قامت حتى هي أصغر من القائمة لو كانت. وليس نعني بها أنها بالفعل موجودة مقيسة بقائمة تزيد عليها فحينئذ يكون الحد كاذبا، ولكن بقائمة بهذه الصفة. والقائمة بهذه الصفة من حيث هي بالقوة الموجودة بالفعل قوة هي قائمة بالقوة، فإن القوة من حيث هي قوة وجود بالفعل. وربما كانت القوة أيضا موجودة بالقوة وهي القوة البعيدة من الفعل، ثم يصير بالفعل قوة قريبة. فإن القوة القريبة على تكون الإنسان في الغذاء تكون بالقوة، ثم إذا صار ميتا صارت تلك القوة القريبة موجودة بالفعل، وإنما يكون فعلها غير موجود. فإذن الحادة تحد بالقائمة لا بالفعل مطلقا، بل القوة. فلا تحد بنظير لها ولا أيضا بما ليس له حصول. فإن المحدود به قائم بالقوة، وذلك له من حيث هو كذلك حصول بالفعل، وبالحري إن عرفت الحادة والمنفرجة بالقائمة فان القائمة تتحقق من المساواة والمماثلة والوحدانية، وتانك تتحققان من الخروج عن المساواة. وأما القائمة فتتحقق بذاتها. ولقد كان يمكن أن يقال: إن الحادة أصغر زاويتين مختلفتين تحدثان من قيام خط على خط، والمنفرجة أعظمهما، وكان حينئذ إذا حقق فقد أشير إلى القائمة، لأن الأكبر هو الذي يكون مثلا وزيادة، والأصغر هو الذي ينقص عن المثل. فبالمثل تتحقق معرفة الصغر والكبر، وبالواحد المتشابه يتحقق المتكثر الغير المتشابه المختلف. فهكذا يجب أن يتصور الحال في أجزاء المحدودات، ثم يجب أن يتذكر ماقلناه قبل أيضا في حال أجزاء المادة وعلائقها.
Shafi 126