وهذا المرسل يصلح للاعتضاد باتفاق الفقهاء، ويشهد له من المسند أحاديثُ العِيْنة، وسنذكرها، فإنه من المعلوم أن مستحلَّ العينةِ إنما يُسمِّيها بيعًا، وفي هذا الحديث أنها ربا لا بيع.
وروى إبراهيمُ الحربيُّ حديثًا عن أبي ثعلبة عن النبي ﷺ قال: "أولُ ديِنكم نبوَّةٌ ورحمة، ثم مُلْك ورَحْمة، ثم مُلْك وجَبْرية، ثم مُلك عَضُوض يُسْتَحَلُّ فيه الحِرَ والحريرَ" (^١).
يُريد استحلال الفروج من الحرام؛ لأن "الحِرَ" - بالكسر - هو الفرج. ويُشبه أن يكون أراد ظهور نكاح المحلِّل واستحلال خلع اليمين ونحوه، والله أعلم. فإنَّ الأمةَ لم يستحلَّ أحدٌ منها الزنا الصريح (^٢)، ولم يُرِد فِعْل الزنا؛ لأن هذا لم يزل موجودًا. ثم لفظ الاستحلال يُشْعِر أنه فيمن اعتقد الشيءَ حلالًا والواقعُ كذلك (^٣).
فمن تأمَّلَ ما أخبر به رسولُ الله ﷺ ناهيًا عنه مما سيكون في