Waƙa da Tunani
شعر وفكر: دراسات في الأدب والفلسفة
Nau'ikan
عندئذ ترجع النقطة إلى البحر الذي انبثقت منه، أو قل تصبح هي البحر، يصبح ماضي العالم والإنسانية ومستقبلها حاضرا حيا في اللحظة.
عندئذ تكشف كل الأقنعة ونسكن بيت الأبدية، نلمس نور البرق الخاطف أو يلمسنا ... نحيا اللحظة أو تحيانا.
عندئذ تصبح هي الأمانة التي عرضت على السموات والأرض والجبال، فأبين أن يحملنها وحملها الإنسان.
وعندئذ نلمس السرمدية، أو نكون نحن جزءا من السرمدية، في لحظة وعي فوق الزمن. (1977م)
كف نفسك
قراءة في نصوص نيتشه النفسية
القسم الأول
هذه قراءة لبعض نصوص نيتشه (1844-1900م) «النفسية». ربما تثير الكلمة الأخيرة شيئا غير قليل من الشك والحيرة. وربما ذكرت القارئ بالجدل الطويل الذي دار، وما يزال يدور حول الفيلسوف الشاعر مؤلف «هكذا تكلم زرادشت» و«أناشيد ديونيزيوس الديثرامبية»، صاحب الأسلوب المتوهج بالصور الحية، والرؤى العميقة المخيفة، والعبارات البركانية المتفجرة بالغضب والشوق، ذلك الذي «تفلسف بالمطرقة»، ولم يكتب كلمة واحدة لم يغمسها - على حد قوله - في دم القلب، هل هو شاعر أم فيلسوف؟ وهل نحسم هذا الجدل الذي لم ينته بأن نضيف إليه مشكلة جديدة، فنزعم أنه عالم نفس؟
لا شك عندي في أن نيتشه مفكر وجد في التفكير وحده كل نشوته وعذابه، وبهجته وألمه، بل إن التفكير المجرد ليبلغ عنده تلك القمة التي يصبح فيها فكرا غنيا بالصور الحية التي تليق ب «فيلسوف الحياة». ويكفي أن نطلع على فقرة واحدة مما كتب، وأن نتذكر العبارة التي قالها في كتابه الأكبر «إرادة القوة»، الذي لم يقدر له أن يتمه، وجمع ونشر بعد موته: «إن الفكر هو أقوى شيء نجده في كل مستويات الحياة»، والعبارة التي صرح بها في إحدى كتاباته المتأخرة: «إن التفكير المجرد لدى الكثيرين عناء وشقاء، أما عندي فهو في الأيام المواتية عيد ونشوة»، وأخيرا هذه العبارة التي دونها في أوراقه التي عثر عليها بعد موته، وكأنه كان يتنبأ بالغيب ويرد على الأجيال التي شعر أنها لن تفهمه ولن تنصفه: «إرادة القوة» ... كتاب هدفه التفكير، ولا شيء غير التفكير.
1
Shafi da ba'a sani ba