175

Waƙa da Tunani

شعر وفكر: دراسات في الأدب والفلسفة

Nau'ikan

أي الرائي أو الملهم والعراف؟

أيرجع الفضل في هذا الغناء لموهبته الشعرية ، أم قدرته على استقبال الماضي والاشتغال به؟! ألم يكن هذا الماضي في انتظار من يخلده، لا ماضي بطل فرد مات، بل الماضي نفسه الذي أصبح له نوع من الوجود الإلهي؟ ولماذا أصبحت ربات الفن «الموازي»،

34

عند الإغريق هي أصوات الحقيقة؟ ولماذا أطلقوا على اسم أمها «المينموزينة»،

35

أي ربة الذاكرة والتذكار، وجعلوها أشد الأرباب قربا من زيوس رب الأرباب؟! صحيح أن «الموزاي» تتغنى أيضا بالحاضر والمستقبل الإلهيين، ولكن واجبهن الأسمى هو الارتفاع بالماضي إلى بهاء الخلود. ولهذا لم يعرفن شيئا عن ظلمة الموت وجهامته. ولهذا أيضا نرى الشاعرة «سافو» تعلم ابنتها أن النواح حتى على الأموات غير مباح في حضرة ربات الجمال: «فالبيت تعبد فيه ربات الجمال

لا يستباح به النواح؛

لأن هذا لا يليق ولا يقر به السماح!»

ونخطئ لو تصورنا أن الشاعر الحق يتغنى بالجميل والجليل ويخلده؛ لأنه شيء فريد فحسب، فعالم الماضي كان يتشابك بألحانه العديدة في أغنية الشاعر التي نتعلم منها معنى الخلود.

في وجود الماضي، وفيه وحده، يسطع نور السرمدي، هنا أيضا نجد أصلا من أصول الخلود الأبدي، وهو شيء مختلف كل الاختلاف عن اللازمانية أو لا نهائية الزمان.

Shafi da ba'a sani ba