وفي سنة إحدى وستين استعمل يزيد بن معاوية على خراسان سلم بن زياد، فظل عليها خمسة سنوات، أحسن فيها السيرة، وعدل بين الناس، وغزا ما وراء النهر، وافتتح مدينة مما يلي خارزم، عجز من سبقه من العمال عن فتحها، وأغار على سمرقند، ووجه جيشا إلى خجندة فانهزم١.
وحين بلغ الناس بخراسان موت معاوية بن يزيد، اضطربوا، ونابذوا سلما وخلعوه، فتركهم، واستخلف على مرو الشهجان المهلب بن أبي صفرة، وعلى مرو والفارياب والجوزجان سليمان بن مرشد البكري، وعلى هراة أوس ابن ثعلبة البكري٢.
ثم غلب عبد الله بن خازم على خراسان ما يزيد على سبع سنوات، حارب في أولاها بكر بن وائل، وقتل زعماءها، وأفنى خلقا كثيرا منها بمساعدة بني تميم. وسرعان ما تنكر لبني تميم، ومنعهم من الاستقرار بهراة، فخالفوه وقتلوا ابنه محمدا بهراة، وقارعوه بمرو الشاهجان ومرو الروذ ونيسابور٣. ثم قتله بحير بن ورقاء التميمي. وكان عبد الله بن مروان قد كتب إلى بكير بن وشاح التميمي أن يبايع له، ووعده ومناه، حين رفض ابن خازم الانصياع له، فحبس بحيرا، وادعى أنه هو الذي قتل ابن خازم، وظل مسيطرا على خراسان عاما وبعض عام. فانقسم بنو تميم على أنفسهم، فخشي العرب أن يستطير الشر بينهم، ويقهرهم عدوهم، فسألوا عبد الله أن يولي عليهم عاملا قرشيا لا ينفس عليه أحد. فأرسل إليهم أمية بن عبد الله الأموي فقدم إلى خراسان ولم يعرض لبكير بن وشاح بسوء، وبينما كان أمية مشغولا بغزو بخارى سنة سبع وسبعين ثار عليه بكير بمرو الشاهجان، فخف أمية إليها، وحاصره، فاصطلحا، ولكن بكيرا مضى يؤلب الناس للثورة على أمية، ولم يزل أمية متغافلا عنه، حتى إذا أثبت له أنه يحرض الناس عليه سجنه، وأمر بقتله، فقتله بحير بن ورقاء بسيفه٤.
_________
١ الطبري ٧: ٣٩٩، ٤٠٥، وابن الأثير ٤: ٩٦، وياقوت ٢: ٤٠٤.
٢ تاريخ اليعقوبي ٢: ٢٣٩، وفتوح البلدان ص: ٤٠٣، والطبري ٧: ٤٨٩، وابن الأثير ٤: ١٥٥.
٣ الطبري ٧: ٥٩٣، وابن الأثير ٤: ٢٠٨.
٤ تاريخ اليعقوبي ٣: ١٨، وفتوح البلدان ص: ٤٠٥، والطبري ٨: ٨٣١، وابن الأثير ٤: ٣٤٥.
1 / 24