Shia and Sunni
الشيعة والسنة
Mai Buga Littafi
إدارة ترجمان السنة
Lambar Fassara
الثالثة
Shekarar Bugawa
١٣٩٦ هـ - ١٩٧٩ م
Inda aka buga
لاهور - باكستان
Nau'ikan
الشيعة والسنة
تأليف / إحسان إلهي ظهير
Shafi da ba'a sani ba
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على محمد المصطفى، نبي الهدى، والرحمة، وعلى آله، وأصحابه، الطاهرين، البررة.
وبعد فإنه شاع في هذا الزمان كلمة " الاتحاد والوحدة " من كل داع للشقاق والفرقة، وكثر استعمالها حتى كاد أن ينخدع بها السذج من المسلمين لو ما عرفوا ما ورائها من كيد ودس ودهاء.
فالقاديانية (١) عميلة الاستعمار الصليبي في القارة الهندية الباكستانية، ووصمة عار على جبهة المسلمين المشرقة، تستعمل هذه الكلمة هناك لكي يتسع لها طريق لنفث السموم في نفوس المسلمين.
والبهائية (٢) وليدة الروس، والانكيز، والنزغات الشيعية، تريد بنفس هذه الكلمة غزو الشيعة في إيرانها وعراقها.
والشيعة ربيبة اليهود، وفصيلتهم في بلاد الإسلام، يستعملون هذه
_________
(١) للباحث أن يقرأ كتاب "القاديانية، دراسات وتحليل" للمؤلف لمعرفة هذه النحلة الجديدة
(٢) للمؤلف كتاب مستقل في هذا الموضوع "البهائية - أمام الحقائق والوقائع"
1 / 5
الكلمة أيضًا عند افتضاح أمرها، واكتشاف حقيقتها، وإماطة اللثام عن وجهها.
فليست هذه الكلمة، إلا كلمة حق أريد بها الباطل، كما نقل عن علي ﵁، أنه لما سمع الخوارج قولهم "لا حكم إلا لله" فقال: كلمة حق أريد بها الباطل، نعم لا حكم إلا لله" (١).
وقال: سيأتي عليكم بعدي زمان ليس فيه شيء أخفى من الحق ولا أظهر من الباطل" (٢).
فهذا هو الزمان الذي أشار إليه علي في قوله، فما أكثر الكذب فيه وما أفظعه!
ولقد بدأ الشيعة منذ قريب ينشرون كتبًا ملفقة مزورة في بلاد الإسلام، يدعون فيها التقريب إلى أهل السنة، ولكن بتغيير صحيح يريدون بها تقريب السنة إليهم بترك عقائدهم، ومعتقداتهم في الله، وفي رسوله، وأصحابه الذين جاهدوا تحت رايته، وأزواجه الطاهرات الآتي صاحبنه في معروف، وفي الكتاب الذي أنزله الله عليه من اللوح المحفوظ، نعم يريدون أن يترك المسلمون كل هذا، ويعتنقوا ما نسجته أيدي اليهودية اللئيمة من الخرافات، والترهات، في الله، بأنه يحصل له "البدا" وفي كتاب الله، بأنه محرف، ومغير فيه، وفي رسول الله، بأن عليًا
_________
(١) "نهج البلاغة" ص٨٢ ط دار الكتاب اللبناني - ١٣٨٧هـبيروت
(٢) "نهج البلاغة" ص٢٠٤
1 / 6
وأولاده أفضل منه، وفي أصحابه حملة هذا الدين، أنهم كانوا خونة، مرتدين، مع من فيهم أبو بكر، وعمر، وعثمان، وأزواج النبي، أمهات المؤمنين، مع من فيهن الطيبة، الطاهرة، بشهادة من الله في كتابه، بأنهن خن الله ورسوله، وفي أئمة الدين، من مالك، وأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد، والبخاري، أنهم كانوا كفرة ملعونين ﵃ ورحم عليهم أجمعين - نعم يريدون هذا، وما الله بغافل عما يعملون.
فكل من عرف هذا وقام على وجههم، ورد عليهم، جعلوا يتصيحون عليه ويتنادون باسم الوحدة والاتحاد، ويرددون قول الله ﷿: ﴿ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم﴾ (١) - (٢).
_________
(١) سورة الأنفال، الآية٤٦
(٢) وقد كتب أحد علمائهم من إيران، السيد لطف الله الصافي كتابًا عنونه بهذه الآية الكريمة نفاقًا وخداعًا عادة أسلافه بأنهم يتقنعون بمقنعة الزور لتغطية مقاصدهم الخبيثة، فهو على شاكلتهم لأنك إذا قلبت الغلاف رأيت مقدمة بسيطة دعا فيها إلى الوحدة والاتحاد، ولكن وبعد أوراق قليلة تفاجأ بكتاب آخر باسم "مع الخطيب في خطوطه العريضة" رد فيه على السيد محب الدين الخطيب ﵀ رحمة واسعة، فنافق في بداية الكتاب حسب المقرر لهم، وقال: لا ينبغي أن يكتب مثل هذه الكتب والردود في عصر تهتك فيه حرمات الله في فلسطين، وأحرق المسجد الأقصى المبارك. . . . فمن أجبرك على هذا أيها الصافي؟ ثم وفي نفس هذا الكتاب يهجم على عبقرية أسلام، والرجل الذي يعده علي ﵁ الإمام المعصوم عندهم - أصل العرب، ونظامهم، وقطبهم الذي به تدور الرحى - ويأتي ذكره مفصلًا في باب "الشيعة والكذب" فهل تظن أنك تستطيع خداع المسلمين بمثل تلك الكلمات، الوحدة والاتحاد - أيها الصافي؟ فليخب ظنك ورأيك ..
1 / 7
فبعدًا للوحدة التي تقام على حساب الإسلام، وسحقًا للاتحاد الذي يبنى على أعراض محمد النبي، وأصحابه، وأزواجه - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين-، فقد علّمنا الله ﷿ في كلامه الذي نعتقد فيه أن حرفًا منه لم يتغير ولم يتبدل، وما زيد عليه بكلمة، ولا نقص منه حرف، علّمنا فيه، أن كفار مكة طلبوا أيضًا من رسول الله، الصادق، الأمين، عدم الفرقة والاختلاف بدعوته إلى عبادة الله وحده، مخلصين له الدين، وإفضاحه آلهتهم، والرد عليهم، فأجابهم بأمر من الله: يا أيها الكافرون، لا أعبد ما تعبدون، ولا أنتم عابدون ما أعبد، ولا أنا عابد ما عبدتم، ولا أنتم عابدون ما أعبد، لكم دينكم ولي دين (١).
وقال: هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين (٢).
وقال: ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون (٣).
_________
(١) سورة الكافرون
(٢) سورة يوسف الآية ١٠٨
(٣) سورة البقرة الآية١٣٩
1 / 8
وقال: وما يستوي الأعمى والبصير، ولا الظلمات ولا النور، ولا الظل ولا الحرور، وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور (١).
نعم يمكن الوحدة إن أرادوها، ويمكن الاتحاد إن يطلبونه، الوحدة والاتحاد، بالرجوع إلى الكتاب والسنة، والتمسك بهما، حسب قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر (٢).
نعم "إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، فتعالوا إلى هذه الكلمة، كلمة الوحدة، والاتحاد، إلى قول الله ﷿ وقول نبيه محمد.
فلنرفع الخلاف ولنقض على النزاع، فهيا بنا إلى الوحدة أيها القوم!
فاتركوا السباب لأصحاب رسول الله، خيار خلق الله، الذين بشرهم الله بالجنة في كتابه المجيد حيث قال: والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين
_________
(١) سورة الفاطر الآية ١٩، ٢٠، ٢١، ٢٢
(٢) سورة النساء الآية٥٩
1 / 9
فيها أبدًا، ذلك الفوز العظيم (١).
وقال: لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة (٢).
وقال: رسوله الناطق بالوحي: لا تمس النار مسلمًا رآني أو رأى من رآني (٣).
وقال ﵇: الله الله في أصحابه، لا تتخذوهم غرضًا من بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه (٤).
ويمكن الاتحاد بالاعتراف أن الكلام المجيد لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، وإن من قال فيه بتحريف وتغيير كان ضالًا مضلًا خارجًا عن الإسلام، تعالوا فلنتفق ونتحد.
وهلموا إلى الوحدة بالعهد على أن الكذب والتقية قد تركتموها كلية وقطعًا، وترون الكذب من الموبقات، التي تدخل الناس النار، كما قال الرسول ﵇: إن الصدق
_________
(١) سورة التوبة الآية ١٠٠
(٢) سورة الفتح الآية١٨
(٣) رواه الترمذي وحسنه
(٤) رواه الترمذي
1 / 10
بر وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الكذب فجور، وإن الفجور يهدي إلى النار (١).
ولن يحصل الاتفاق والوحدة دون توبتكم عن العقائد اليهودية، والوثنية المجوسية من أن الأئمة يعلمون الغيب، ويعرفون متى يموتون، ويفعلون ما يشاؤون، لا يسأل عنهم وهم يسألون، وأنهم ليسوا من بشر.
نعم ويمكن الوحدة بترك الدس والكيد للمسلمين.
فها هي بغداد مضرجة بدمائهم بجريمة ابن العلقمي، وها هي الكعبة جريحة بجريمة طائفة منكم، وها هي باكستان الشرقية ذهب ضحية بخيانة أحد أبناء "تزلباش"، الشيعة "يحيى خان" في أيدي الهندوس.
وها هو التاريخ الإسلامي مليء بمآثمكم، وخذلانكم المسلمين كلما حدثت لهم حادثة، ووقعت لهم كارثة، وحلت بهم نائبة.
تعالوا نتعاون بيننا، ونتفق، ونتحد، لتكون كلمة الله هي العليا، وليس للعسكري ولد حتى يأتي ويخرج ويكشف عنا الهموم، ويفرج عنا الكروب.
فنحن الذين نستطيع إن اعتصمنا بكتاب ربنا، وسنة نبينا، أن نكشف عنا مصيبتنا، وندفع عنا كيد أعدائنا كما وعنا الله ﷿ ﴿إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا، ويوم
_________
(١) رواه مسلم
1 / 11
يقوم الأشهاد﴾ (١).
﴿وكان حقًا علينا نصر المؤمنين﴾ (٢).
﴿وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين﴾ (٣).
فلكم رأينا النصر وهو آت من السماء في زمن الصديق الأكبر أبي بكر، والفاروق الأعظم عمر، وذي النورين عثمان رضوان الله عليهم أجمعين، حتى هزموا الكفر في عقر داره، وأدوا رايات الظفر إلى آفاق لم يتصورها الأولون، فما أن غرست اليهودية غريستها، وولدت وليدتها في عهد أمير المؤمنين علي ﵁، حتى اضطرب الأمور، وانعكست الأحوال، واضطر هو إلى أن يقول: ابتليت بقتال أهل القبلة.
وقال متأسفًا: أوصيكم عباد الله بتقوى الله فإنها خير ما تواصى العباد به وخير عواقب الأمور عند الله، وقد فتح باب الحرب بينكم وبين أهل القبلة (٤).
وقال ﵁: ألا وإني قد دعوتكم إلى قتال هؤلاء القوم ليلًا ونهارًا، وسرًا وعلنًا، وقلت لكم: اغزوهم قبل أن يغزوكم، فوالله ما غزى قوم قط في عقر دارهم إلا ذلوا، فتواكلتم وتخاذلتم حتى شنت عليكم الغارات، وملكت عليكم
_________
(١) سورة المؤمن الآية٥١
(٢) سورة الروم الآية٤٧
(٣) سورة آل عمران اية١٣٩
(٤) "نهج البلاغة" ٢٤٨، خطبة علي ﵁
1 / 12
الأوطان. . . ثم انصرفوا (الأعداء) وافرين، ما نال رجلًا منهم كلم، ولا أريق لهم دم، فلو أن امرأً مسلمًا مات من بعد هذا أسفًا ما كان به ملومًا، بل كان به عندي جديرًا، فيا عجبًا! عجبًا - والله - يميت القلب ويجلب الهم من اجتماع هؤلاء القوم على باطلهم، وتفرقكم عن حقكم، فقبحًا لكم وترحًا حين صرتم غرضًا يرمى، يغار عليكم ولا تغيرون، وتغزون ولا تغزون، ويعصى الله وترضون، فإذا أمرتكم بالسير إليهم في أيام الحر قلتم: هذه حمارة القيظ، أمهلنا يسبخ عنا الحر، وإذا أمرتكم بالسير إليهم في الشتاء، قلتم هذه صبارة القرة، أمهلنا ينسلخ عنا البردن كل هذا فرارًا من الحر والقر، فإذا كنتم من الحر والقر تفرون، فأنتم والله من السيف أفر - وقال -: قاتلكم الله لقد ملأتم قلبي قيحًا، وشحنتم صدري غيظًا، وجرعتموني نغب التهمام أنفاسًا (١) وأفسدتم على رأيي بالعصيان والخذلان، حتى لقد قالت قريش إن ابن أبي طالب رجل شجاع ولكن لا علم له بالحرب، لله أبوهم وهل أحد منهم أشد لها مراسًا، وأقدم فيها مقامًا مني، لقد نهضت فيها وما بلغت العشرين، وها أنا ذا قد ذرفت على الستين، ولكن لا رأي لمن لا يطاع (٢).
فها هو ذا علي بن أبي طالب الخليفة الراشد الرابع عندنا
_________
(١) نغب التهمام أنفاسًا، أي جرعتموني جرع الهم جرعة جرعة
(٢) "نهج البلاغة" ص٦٩ و٧٠ و٧١
1 / 13
- والإمام المعصوم الأول عندكم - يشتكي منكم من يوم الذي وجدتم فيه - وقد أوردناه من كتابكم الذي تظنونه أصدق الكتب وأفضلها، والذي جمعه كبيركم الشريف أبو الحسن محمد الرضي.
فماذا بعد هذا أيها القوم.
وما ألفنا هذا الكتاب، وما جمعنا فيه النصوص إلا للتنبيه علي أنه لا ينبغي التصور بأن أهل السنة بلغوا من الجهل إلى حد حتى تلعب بهم، وبعقولهم، وقلوبهم، وعقائدهم وليدة اليهود وربيبة المجوس.
وقد أثبتنا في مختصرنا هذا أن الشيعة ليست إلا لعبة يهودية، ناقمة على الإسلام، وحاقدة على المسلمين، وعلى رأسهم أصحاب رسول الله ﷺ، حملة هذا الدين، والتابعين لهم بإحسان، ومن سلك مسلكهم إلى يوم الدين، ثم وقد بينا فيه عقيدتهم في القرآن، أساس الإسلام، وأصله، ورسالة الله التي جاء بها محمد النبي، الصادق، المصدوق ﵇، إلى الناس كافة، ببيان واضح، مستند، مفصل، لم أسبق عليه بفضل الله ومنّه.
كما أوضحنا أن الكذب (باسم التقية) هو شعار الشيعة قاطبة، ويعدونه من أطيب الأعمال، وأعظم القربات إلى الله.
وورد تحت هذه المواضيع الثلاثة مباحث ومواضيع كثيرة
1 / 14
أخرى مثل عقيدتهم في الله، وفي رسول الله، وأصحاب رسول الله، وأزواجه، أمهات المؤمنين، وعقيدتهم في أئمتهم، ورأي الأئمة فيهم، والأسس لهذا المذهب، والأصول التي قام عليها، وسبب الخلاف بينهم وبين السنة من المسلمين.
ونرى في ذلك المختصر كفاية لمن أراد أن يعرف حقيقتهم، وحقيقة معتقداتهم، وحتى للسذج من الشيعة الذين اغتروا بحب أهل البيت وولايتهم، إن أرادوا الحق والتبصر، لأن أكثرهم لا يعرفون حقيقة دينهم حيث أمر صناديدهم بكتمان المذهب كما هو المكذوب على جعفر الصادق أنه قال لأحد شيعته: يا سليمان إنكم على دين من كتمه أعزه الله ومن أذاعه أذله الله (١).
وقد التزمنا في هذا الكتاب أن لا نذكر شيئًا من الشيعة إلا من كتبهم، وبعباراتهم أنفسهم، مع ذكر الكتاب، والمجلد والصفحة، والطبعة، بحول الله وقوته، وكلما ذكرنا من كتب الشيعة في هذا الكتاب، هي الكتب المستندة، المشهورة والموثوقة عندهم (٢).
_________
(١) "الكافي في الأصول" للكليني وسيأتي بيانه مفصلًا في باب "الشيعة والكذب"
(٢) فأنت أيها الصافي وأنت يا صاحب كتيب "السهم المصيب في الرد على الخطيب" وأنت. . . وأنت. . . لا يغرنك أن الخطيب قد انتقل إلى رحمة الله، ومن ثم تستطيع أن تطعن فيه، وتشتمه، فإن في السنة من يدافع عن الحق الذي كتب الخطيب عنه ووا أسفا على أنه ما رأينا هذه الكتب إلا منذ قريب حين سفره لزيارة البيت العتيق، وبلدة النبي، والصديق، في العام الماضي، وإلا قد قضينا الدين في حينه، وما تأخرنا، فلا يكون في التأخير غرة ولا اغترار
1 / 15
ونريد أن نتبع هذا المختصر مختصرًا آخر في حجمه حتى يحتوي ويشتمل على جميع الموضوعات الهامة، والمباحث المهمة، فيكون هذا كالجزء الأول وما يليه كالجزء الثاني، والله ولي التوفيق، وعليه أتوكل وإليه أنيب.
إحسان إلهي ظهير - لاهور
٢٢ مايو ١٩٧٣م ١٨ الربيع الثاني ١٣٩٣هـ
1 / 16
الباب الأوّل
الشّيعة والسُّنّة
منذ بزوغ شمس الرسالة المحمدية، ومن أول يوم قُلِّب فيه صفحة التاريخ الجديد، التاريخ الإسلامي المشرق، احترق قلوب الكفار وأفئدة المشركين، وخاصة اليهود في الجزيرة العربية وفي البلاد العربية المجاورة لها، والمجوس في إيران، والهندوس في شبه القارة الهندية الباكستانية، فبدؤوا يكيدون للإسلام كيدًا، ويمكرون بالمسلمين مكرًا، قاصدين أن يسدوا سيل هذا النور، ويطفئوا هذه الدعوة النيرة، فيأبى الله إلا أن يتم نوره، كما قال في كتابه المجيد: ﴿يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله مُتمّ نوره ولو كره الكافرون﴾ (١).
ولكنهم مع هزيماتهم واكساراتهم لم يتفلل فلول حقدهم وضغينتهم، فما زالوا داسين، دابرين.
وأوّل دسّ دسَّه أبناء اليهودية البغيضة، المردودة، يعد طلوع فجر الإسلام، دسّ في الشريعة الإسلامية باسم الإسلام،
_________
(١) سورة الصف "الآية"٨
1 / 17
حتى يسهل اصطياد أبناء المسلمين، الجهلة عن عقائد الإسلام، ومعتقداتهم الصحيحة، الصافية، فكان على رأس هؤلاء المكرة المنافقين، المتظاهرين بالإسلام، والمبطنين الكفر أشد الكفر - والنفاق، والباغين عليه، عبد الله بن سبأ اليهودي، الخبيث، الذي أراد مزاحمة الإسلام، ومخالفته، والحيلولة دونه، وقطع الطريق عليه بعد دخول الجزيرة العربية بأكملها في حوزة الإسلام وقت النبي، وبعد ما انتشر الإسلام في آفاق الأرض وأطرافها، واكتسح مملكة الروم من جانب، وسلطنة الفرس من جهة أخرى، وبلغت فتوحاته من أقصى أفريقيا إلى أقصى آسيا، وبدأت تخفق راياته على سواحل أوربا وأبوابها، وتحقق قول الله ﷿ ﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم، وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا﴾ (١).
وبدأ علي بن أبي طالب ﵁ يقول: أن هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا قلة، وهو دين الله الذي أظهره، وجنده الذي أعده، وأمده، حتى بلغ ما بلغ، وطلع حيث طلع، ونحن على موعود من الله، والله منجز وعده، وناصر جنده" (٢)
_________
(١) سورة النور، الآية٥٥
(٢) "نهج البلاغة" ص٢٠٣ ط دار الكتاب اللبناني بيروت، ١٣٨٧هـ- ١٩٦٧م، قول علي لعمر بن الخطاب ﵄ حينما استشاره في الشخوص لقتال الفرس بنفسه
1 / 18
وقال معلنًا الحق: فلما رأى الله صدقنا أنزل لعدونا الكبت، وأنزل علينا النصر، حتى استقر الإسلام ملقيًا جرانه، ومتبوءًا أوطانه" (١).
فأراد ابن سبأ هذا مزاحمة هذا لادين، بالنفاق والتظاهر بالإسلام، لأنه عرف هو وذووه أنه لا يمكن محاربته وجهًا لوجه، ولا الوقوف في سبيله جيشًا لجيش، ومعركة بعد معركة، فإن أسلافهم بني قريظة، بني النضير، وبني قينقاع جربوا هذا فما رجعوا إلا خاسرين، ومنكوبين، فخطط هو ويهودصنعاء خطة أرسل أثرها هو ورفقته إلى المدينة، مدينة النبي، وعاصمة الخلافة، في عصر كان يحكم فيه صهر رسول الله، وصاحبه، ورضيه، ذو النورين، عثمان بن عفان ﵁، فبدؤوا يبسطون حبائلهم، ويمدون أشواكهم، منتظرين الفرص المتواطئة، ومترقبين المواقع المتلائمة، وجعلوا عليًا ترسًا لهم يتولونه، ويتشيعون به، ويتظاهرون بحبه، وولائه، (وعلي منهم بريء) ويبثون في نفوس المسلمين سموم الفتنة، والفساد، محرضينهم على خليفة رسول الله، عثمان الغني ﵁، الذي ساعد الإسلام والمسلمين بماله إلى ما لم يساعدهم أحد، حتى قال له الرسول، الناطق بالوحي، ﵇، حين تجهيزه جيش العسرة "ما ضرّ عثمان، ما عمل بعد اليوم" (٢).
_________
(١) "نهج البلاغة" ص٩٢
(٢) رواه أحمد والترمذي
1 / 19
وبشره بالجنة مرات، ومرات، وأخبره بالخلافة والشهادة.
وطفق هذه الفئة تنشر في المسلمين عقائد تنافي عقائد الإسلام، من أصلها، وأصولها، ولا تتفق مع دين محمد ﷺ في شيء. .
ومن هناك ويومئذ كونت طائفة، وفرقة في المسلمين للإضرار بالإسلام، والدس في تعليمه، والنقمة عليه، والانتقام منه، وسمت نفسها "الشيعة لعلي" ولا علاقة لها به، وقد تبرأ نمهم، وعذبهم أشد العذاب في حياتهم، وأبغضهم بنون وأولاده من بعده، ولعنوا عليهم، وأبعدوه عنهم، ولكن خفيت الحقيقة مع امتداد الزمن، وغابت عن المسلمين، وفازت اليهودية بعد ما وافقتها المجوسية من ناحية، والهندوسية من ناحية أخرى، فازت في مقاصدها الخبيثة، ومطامعها الرذيلة، وهي إبعاد أمة محمد عن رسالته التي جاء بها من الله ﷿، ونشر العقائد اليهودية والمجوسية وأفكارهما النجسة بينهم باسم العقائد الإسلامية (١).
وقد اعترف بهذا كبار الشيعة ومؤرخوهم، فهذا هو الكشي (٢) كبير علماء التراجم - المتقدمين - عندهم - الذي قالوا فيه: إنه
_________
(١) ونتيجة ذلك لا يعتقد الشيعة بالقرآن الموجود، ويظنونه محرفًا ومغيرًا فيه كما سيأتي مفصلًا
(٢) هو أبو عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي - من علماء القرن الرابع للشيعة، وذكروا أن داره كان مرتعًا للشيعة
1 / 20
ثقة، عين، بصير بالأخبار والرجال، كثير العلم، حسن الاعتقاد، مستقيم المذهب.
والذي قالوا في كتابه في التراجم: أهم الكتب في الرجال، هي أربعة كتب، عليها المعول، وهي الأصول الأربعة في هذا الباب، وأهمها، وأقدمها، هو "معرفة الناقلين عن الأئمة الصادقين المعروف برجال الكشي" (١).
يقول ذلك الكشي في هذا الكتاب: وذكر بعض أهل العلم أن عبد الله بن سبأ كان يهوديًا فأسلم، ووالى عليًا ﵇، وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون وصى موسى بالعلو، فقال في إسلامه بعد وفات رسول الله في علي مثل ذلك، وكان أول من أشهر بالقول بفرض إمامه علي، وأظهر البراءة من أعدائه وكاشف مخالفيه، وكفّرهم، ومن هنا قال من خالف الشيعة، إن أهل التشيع، والرفض، مأخوذ من اليهودية (٢).
ونقل المامقاني، إمام الجرح والتعديل، مثل هذا عن الكشي في كتابه "تنقيح المقال" (٣).
_________
(١) فانظر مقدمة "الرجال"
(٢) "رجال الكشي" ص١٠١ ط مؤسسة الأعلمي بكربلا، عراق
(٣) "تنقيح المقال" للمامقاني، ص١٨٤ ج٢ ط طهران
1 / 21
ويقول النوبختي (١) الذي يقول فيه الرجالي الشيعي الشهير النجاشي: الحسن بن موسى أبو محمد النوبختي، المتكلم، المبرز علي نظرائه في زمانه، قبل الثلاثمائة وبعد" (٢).
وقال الطوسي: أبو محمد، متكلم، فيلسوف، وكان أماميًا (شيعيًا) حسن الاعتقاد ثقة. . . وهو من معالم العلماء (٣).
ويقول نور الله التستري: الحسن بن موسى من أكابر هذه الطائفة وعلماء هذه السلالة، وكان متكلمًا، فيلسوفًا، إمامي الاعتقاد (٤).
يقول هذا النوبختي: في كتابه "فرق الشيعة": عبد الله بن سبأ كان ممن أظهر الطعن على أبي بكر، وعمر، وعثمان، والصحابة، وتبرأ منهم، وقال إن عليًا ﵇ أمره بذلك، فأخذه علي، فسأله عن قوله هذا، فأقر به، فأمر بقتله (٥) فصاح
_________
(١) هو أبو محمد الحسن بن موسى النوبختي من أعلام القرن الثالث للهجرة - عندهم - وورد ترجمته في جميع كتب الجرح والتعديل عند الشيعة، وكل منهم وثقة وأثنى عليه
(٢) "الفهرست للنجاشي" ص٤٧ ط الهند سنة ١٣١٧هـ
(٣) "فهرست الطوسي" ص٩٨ ط الهند ١٨٣٥م
(٤) "مجالس المؤمنين للتستري" ص١٧٧ ط إيران نقلًا عن مقدمة الكتاب
(٥) أرأيت أيها الصافي! كيف كان حب علي لأصحاب رسول الله ﷺ، ورفقائه الثلاثة - الصديق، والفاروق، وذي النورين حتى أراد أن يقتل من يطعن فيهم، أفبعد هذا مجال لقائل أن يقول: أن في الشيعة من يتحامل على بعض الصحابة ولا يرى بأسًا به بحسب اجتهاده، أيكون هذا مانعًا من التجاوب؟ " نعم يا أيها الصافي! هذا مانع من التقريب والتجاوب، فهل تتجاوبون وتتقربون إلى من يكفر عليًا (أعاذنا الله منه) وأولاده ويطعن فيهم، كن صادقًا أيها الصافي! ومن حذا حذوه، فالعدل، العدل، يا عباد الله! أنتم تكفرون معاوية ﵁ ويزيد ابنه لمخالفتهما عليًا وحسينًا ﵄، فكيف إن كان هناك تكفير وتفسيق - ولا سمح الله -
1 / 22
الناس إليه، يا أمير المؤمنين! أتقتل رجلًا يدعو إلى حبكم، أهل البيت، وإلى ولايتكم، والبراءة من أعدائكم، فسيره (علي) إلى المدائن (عاصمة إيران آنذاك)، وحكى جماعة من أهل العلم من أصحاب علي ﵇، إن عبد الله بن سبأ كان يهوديًا فأسلم، ووالى عليًا ﵇، وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون بعد موسى ﵇ بهذه المقالة، فقال في إسلامه بعد وفاة النبي في علي ﵇ بمثل ذلك، وهو أول من أشهر القول بفرض إمامة علي ﵇، وأظهر البراءة من أعدائه، وكاشف مخالفيه، فمن هناك قال من خالف الشيعة: إن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية: ولما بلغ عبد الله بن سبأ نعى علي بالمدائن، قال للذي نعاه: كذبت لو جئتنا بدماغه في سبعين صرة، وأقمت على قتله سبعين عدلًا، لعلمنا أنه لم يمت، ولم يقتل، ولا يموت حتى يملك الأرض" (١).
_________
(١) "فرق الشيعة" للنوبختي ص٤٣ و٤٤ ط المطبعة الحيدرية بالنجف، عراق، سنة ١٣٧٩هـ- ١٩٥٩م
1 / 23