Shawqi Abota Arba'in Shekaru
شوقي: صداقة أربعين سنة
Nau'ikan
ولكن كما كان الإقدام على ذاك المقام أشق من خوض المعارك واقتحام المهالك، كان الشوق أيضا إلى صاحب تلك القصائد التي كنت أتلوها كل يوم من بعد تلاوة كتاب الله وأترنم بها في نجواي، وأجعلها نقل أسماري وغبوق ليلي وصبوح نهاري من نوع البرحاء التي لا تدافع ومن نمط النزعات التي لا تنازع، فعدت إلى طريقة ثانية أبلغ بها مرامي وأروي أوامي؛ وهي أن أستشهد بشعر البارودي في مقالاتي التي كنت أنشرها إذ ذاك في جريدة الأهرام، فاستشهدت له إحدى المرار ببيتين بدون تصريح باسمه، وهما قوله:
فيا قلب صبرا إن أضر بك الهوى
فكل فراق أو تلاق له حد
فقد يشعب الإلفان أدناهما الهوى
ويلتئم الضدان أقصاهما الحقد
واستشهدت مرة أخرى ببيت له عن أهل كريت، وذلك مع التصريح باسمه، ومع نعته بلقب «أمير الشعراء»، وقد كانوا ثاروا على الدولة:
قوم أبى الشيطان إلا خسرهم
فتسللوا من طاعة السلطان
ولما كان من التجاذب بين الأرواح مهما تباعدت الأماكن، وتراخت المساكن ما لا يقل عن انتقال الأصوات بتموجات الهواء ونفوذ الكهرباء، كان حنيني هذا إلى معرفة محمود سامي قد لاقي مثله إلي، وقد كان يقرأ مقالاتي في الأهرام فيشعر لكاتبها بعاطفة لا يعرف لها سببا خاصا، وما زال كذلك حتى رآني أستشهد بشعره أولا وثانيا فعلم أن ما به من جهتي هو بي من جهته، وأن بين الروحين رسائل من غير كتب ووسائل بلا أسلاك، فعندها جاءني منه الأبيات التي يبتدئ فيها بقوله:
أشدت بذكري بادئا ومعقبا
Shafi da ba'a sani ba