الآيات في أكثر مباحثه وما من آية منها إلا وفيها وجه أو أكثر من وجوه الاعراب. على أن صلة الكتاب بتفسير الحديث الشريف تكون أشد وأوثق اذا ما عرفنا أنه ألف لتَصحيح الاشكالات الواردة في ألفاظ حديث "الجامع الصحيح" للبخاري.
ومن هنا وجد فيه شراح هذا السفر الجليل وغيره أصلًا مهمًا يعينهم على شرح الأحاديث المشكلة وبيان أوجه رواياتها ولغاتها واعرابها. (١٠٢)
والنتيجة التي يخرج بها قارئ الكتاب هي أن ابن مالك كان مجددًا في هذا الميدان، ولم يكن مقلدًا لمن تقدم عليه من النحاة، مشهورًا كان أم مغمورًا، لأنه لم يكتف بما وجده من نصوص في كتب هؤلاء، بل راح يُفلّى الدواوين وكتب الأدب والبلاغة واللغة والسيَر، ويلتقط منها ما لم يصل إليه غيره من الشواهد
وهذا المذهب في الاحتجاج عامة وبالحديث الشريف خاصة لقي قبولًا حسنًا لدى علماء وباحثين محدثين، ضموا صوتهم إلى صوته في هذا الاتجاه (١٠٣)
مآخذ على الكتاب
أن ما ذكرته من قيمة الكتاب وما سجلته من محاسنه لا يعفينىِ بن بيان بعض الهفوات التي وقع فيها ابن مالك خلال التأليف وبدت في منهج البحث، وهاك ملخصًا بأهمها:
١ - لم يقم المؤلف كتابه على منهج واضح، ولم تتبين الطريقة السوية فى البحث على الرغم من أهمية الموضوع الذي تصدى لمعالجته ودقة المعلومات فيه فلا هو درس المسائل على حسب الموضوعات النحوية، ولا هو اقتفى أثر البخاري في
_________
(١٠٢) يراجع على سبيل المثال: عمدة القاري، للعيني ١/ ٢٤ وفتح الباري لابن حجر ١/ ٩، ٢/ ٣٦ و٨٥ و٣٤٥ و٣٤٦ و٣/ ٦ و٣٢٧ و٤٢٨ و٧/ ٥٣ و١٢/ ٣٦٦ أو ١٣/ ٩٧. وكتاب زهر الربى "شرح سنن النسائى" للسيوطي ٤٤/ ١ و٩٨ و٣/ ٧٢ و١١٣.
(١٠٣) منهم: طه. الراوي في "نظرات في اللغة والنحو" ١٢١. والدكتور مهدي المخزومي في "مدرسة الكوفة" ص ٦٠. والدكتور صبحي الصالح في "دراسات في فقه اللغة" ص ١٢٥ وعباس حسن في "اللغة والنحو بين القديم والحديث" ص ٩٦ و١٠٤. وعبد الجبار علوان في "الشواهد والاستشهاد في النحو" ص ٣٢٢ وما بعدها.
1 / 35